د. عبدالعزيز عبيد البكر
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا في السنوات الأخيرة دورًا مهمًا وفعَّالاً في تواصل المجتمع والأفراد مع بعضهم بعضًا، وزادت علاقات الشخص مع الآخرين وبالمجتمع، وأصبح أكثر قربًا مما كان عليه في السابق. ويختلف كل شخص عن الآخر في طريقة تعامله معها وطريقة تواصله مع الآخرين; فنجد من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الآخر في تقريب المسافات واختصار الوقت والتقليل من المادة, وكذلك نجد آخر يحب الاستكشاف والقراءة والاستمتاع لما فيها من خصائص جميلة ورائعة للتعلم وللاستكشاف. وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام جميلة وساعدت الكثير من الناس الأفراد والمجتمع منها بالاستفادة بشكل واسع، وزادت الاتساع في الأفق من خلال القراءة والاطلاع على ثقافات أخرى وأخبار ومعرفة ...إلخ، ولكن للأسف في الجهة المقابلة من الجانب السلبي؛ فقد ظهرت لنا مشكلات كثيرة لم نتداركها إلا مؤخرًا، وهي الأمن السيبراني، حيث يقوم دور الأمن السيبراني بالحفاظ على تلك المقدرات، ومنها: أنها تلعب دورًا كبيرًا ومحورًا مهمًا بعدم اختراق خصوصية الفرد والمجتمع فكريًا والتأثير عليه، سواء أكان هذا التأثير للفرد أو المجتمع من خلال العمل في هذه المنصات بتكوين شبكات ربما تكون خطرًا على قيم المجتمع وروابطه الأسرية، وللأسف فقد لعبت بعض وسائل التواصل الاجتماعي محورًا سيئًا في التواصل مع الآخرين، حيث تغير وتطمس القيمة الأخلاقية، فعلى سبيل المثال: السناب شات هو أحد المنصات الأكثر جذبًا واهتمامًا لأغلب فئات المجتمع والأكثر تأثيرًا للسيدات وخاصة المراهقات لما فيه من استعراض بالصوت والصورة؛ فطبيعة المرأة دائماً تحب الظهور بمظهر جميل ولائق، وأن يراها الطرف الآخر بالمظهر المميز المختلف عن الآخرين، فهذه هي طبيعة المرأة، وهذه هي المنصة التي وفرت لها هذه الخدمات بكل سهولة ودون تكلفة أو أي عناء فقط عليها أن تستعد وأن تبدأ ببث ما تريده، فترى أن أغلب محتويات السيدات غالباً ما يحتوي على اهتمامات المرأة مدعومة بالصوت والصورة والذي يجعلها أكثر انتشاراً وجذباً للمستقبل، فيعتبر السناب شات من وجهة نظري وفي هذا الوقت هو أحد المنصات الأكثر اهتمامًا لهن. نعلم إنها منصة جديدة ولم تظهر هذه المنصة إلا مع بدايات عام 2015 تقريبًا. هنا يأتي دور الأمن السيبراني بالحفاظ على المجتمع والأسرة من خلال الحفاظ على الهوية والمحافظة على الأبناء وأن يكون للجتمع دور مهم وفعَّال في توعية الأبناء أمنياً والتحذير من مخاطر التكنولوجيا؛ لا نمنعهم. نعم لا نمنعهم! لأننا لو منعناهم سوف يستخدمونها دون علم الوالدين ويتأثرون بها شئنا أم أبينا!, والتأثير قادم لا محالة إذا لم يكن اليوم فغدًا وإذا لم يكن غدًا فبعد غد. الحقيقة التي لابد أن يدركها كل فرد في المجتمع، هو أن هذه التكنولوجيا وخصوصًا السوشيال ميديا الأكثر فئة يتأثر بها هم الشباب، على سبيل المثال بالسناب شات. قامت أحد الدراسات الإحصائية بدراسة عن أكثر مرتادي وسائل السناب شات واتضح أن أغلب مستخدميها هم الفئة العمرية ما بين 15- 30 . وللأسف فقد شاهدنا في السنوات الأخيرة قضايا تأثير السوشيال ميديا في هروب الفتيات مثلاً، واتضح أن لها علاقة وثيقة بهذه المنصات؛ وللأسف أن المراهقين هم الأكثر تأثيرًا والإسرع في اتخاذ القرار دون التفكير بعمق أو الرجوع إلى الوالدين, وغالبًا ما تكون أغلب النتائج التي تؤول إليه -للأسف- سيئة وبعضها كارثية، لأنهم باعتقادهم يستطيعون أن يتخذوا القرار السليم بأنفسهم، لأن المراهق أو المراهقة في هذا العمر يريد أن يثبت نفسه على أنه قادر على إثبات وجوده وقوة شخصيته، ويريد أن يظهرها بأي شكل من الأشكال. ولهذا يجب علينا لتحقيق الأمن السيبراني للأفراد والمجتمع أن نقوم بما يلي:-
1 - لابد من الاعتراف بأننا لا نستطيع منعهم، وإذا فعلنا فسوف تزداد وتكبر من دون علم أحد الوالدين، وبما يجعل هذا المراهق أو المراهقة يستخدم هذا التطبيق أو وسائل التواصل ربما خفية لكي لا يعرف أحد بذلك، لذلك يجب على الفرد سواء كان أبًا، أو أخًا أن يجعلونه متاحًا لهم؛ ولكن يجب أن نوعيهم وننبهم وأن نرشدهم بأنه توجد مخاطر وجوانب سلبية لهذه المنصات، وكل أم أو أب عليه أن يقوم بذلك بحسب طريقته التي ينظر أو يعتقد أنها مناسبة لفهم ابنه.
2 - زرع الثقة والود والمحبة بين الوالدين والأبناء وأن نجعلهم أكثر قربًا ومحل الثقة وأنهم أهل لهذه المسؤولية، لكي نزرع فيهم جانب الخير وأن هذه التكنولوجيا ليس بالضرورة آمنة ونخبرهم أنه يوجد فيها مخاطر إذا سلك المستخدم الطريق السلبي.
3 - دائمًا يجب أن نكون معهم ونشاركهم آراءهم وتعليقاتهم وأن نكون أكثر صداقة معهم؛ لأن هذا الجيل تغير، وحتماً تغير مع هذه التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الجيل كل شيء مكشوف أمامه، فقد أصبح العالم بين يديه.
مقالي القادم سوف يكون امتدادًا لهذا الموضوع ضمن التوعية بالأمن السيبراني وخاصة الجانب الفكري منه - بإذن الله.