إيمان الدبيَّان
التَّمني أسلوب من أساليب اللغة العربية المجيدة، يُعبِّرُ الإنسان من خلاله عن أمنياته العديدة، والتَّمني هو الرغبة في حصول شيء قد يكون ممكنًا، وربما في عُرْف البعض مستحيلاً، ولكنه مِجداف قوارب الحياة وهو لها سبيلاً.
أمنياتي اليوم ليست خاصة، بل هي عامة تهمني وتهم المجتمع كله، طَرَقتْ أبواب نفسي، وسكبت بعضًا من الحبر على ورقي وأنا أقف بعد منتصف إحدى ليالي شباط الباردة في شارع من شوارع مدن وطني الشامخة، وبجواري امرأة تحمل بين يديها طفلة، من التعب كانت صغيرتها غائرة العينين، ننتظر كلانا أحدهم أمامنا ينهي مفاوضاته لتتطرق بعده إحدانا نافذة بالكاد تعبر من خلالها ورقة رسمت عليها رموز لا يفهمها إلا أهلها لعلها بعد الله تصف بلسمًا يخفف وطأة ابتلاءات استوطنت أجسادًا بقضائها راضية، وما بين لعلّ، وليتَ، وهلْ ولو، وقف فِكري متأملاً، وجسدي متجمدًا، وقلبي متألمًا، وبصري مترقبًا، انتظر دوري لأطرق نافذة الصيدلية، وأقدم ورقة الوصفة الطبية التي تمنيت وقتها أن تكون ورقة أسئلة مغلفة بأمنيات أطرحها للنقاش مع الجميع وأول سؤال فيها: لماذا ما زالت الصيدليات تغلق بعد منتصف الليل؟، هل جميع المحال التي سُمح لها بالعمل مؤخرًا على مدار الأربع والعشرين ساعة ستغلق أبوابها، وتفتح نوافذ لا تتجاوز مربع مساحتها بعضًا من السنتيمترات؟ هل الوضع الذي يقف فيه الإنسان مريضًا، ومتعبًا على أعتاب الصيدلية، وخصوصًا المرأة أنسب من الدخول، والجلوس إلى حين تحضير الأدوية؟، ما الفائدة من وجود حارس أمن داخل الصيدلية والباب مغلق؟، لماذا لا يجلس حارس الأمن بجوار الباب ويكون مفتوحًا؟، أما زالت بعض الظواهر التي كانت سببًا في سن نظام إغلاق الأبواب موجودة؟، أغلب أدوات الاستفهام رقصت على أنغام استفساراتي، ومعظم جمل التمني هتفت مرددة أمنياتي جمعتها بعبارة واحدة خاصة ونحن ننعم بأمن وتطور وتحديد للقوانين والآداب قل أن نجد له في العالم مثيلاً، ولن نحصل على ما يساويه في أي بقعة أخرى عديلاً، فكانت عبارتي التي ختمت بها شوارد فكري عندما جاء دوري في طلب وصفتي، هل سنرى قريبًا أبواب الصيدليات مشرعة للقاصدين لها ليلاً أم أن أمنياتي خاطئة وليس لها دليل؟