الأمير المتميز القدوة خالد الفيصل وفقه الله، رجل استثنائي بكل المقاييس، فهو وفقه الله ملء السمع والبصر، صمته هيبة، وكلامه حكمة، ومواقفه قدوة، هو ناصر السنة، وقامع البدعة، إن تحدثنا عن العقيدة الصحيحة ونصرتها فهو المعتز بها، المدافع عنها، الداعي إليها، ومواقفه العملية تشهد بذلك، وصدق حفظه الله إذ قال: (حنّا هل التوحيد ليا غيرنا هسّ)، وإن كان الحديث عن ترسيخ الهوية، ومحبة الوطن وقادته ومجتمعه فهو قدوة في ذلك، وإن كان المجال في الحديث عن اللغة العربية، والموروثات الأصيلة، فهو أستاذ في الاعتزاز بلغة القرآن، ومثالي بالافتخار بالماضي، فهو يرى أن من لم يعتز بماضيه، فكأنما سدد طعنات لمستقبله.
وإن كان الحديث عن التنمية والتقدم والتطور، فهو مشعل هداية للوصول إلى العالَم الأول، ومافتيء يشجع على ذلك، ويرى أن ديننا هو من يأمرنا بالتفوق في كل علم نافع من أمور الدين والدنيا.
وإذا كان المجال عن الاعتدال والوسطية فهو من بذل جهداً في ترسيخ ذلك، يوم كان (بعض) المتحدثين عنها اليوم تتقاذفهم الأمواج ذات اليمين وذات الشمال، و(بعضهم) تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، والجميل جداً أنه يطرح الوسطية والاعتدال وفقاً للكتاب والسنة، لأن هذين المصطلحين لفظان شرعيان، فيؤخذ معناهما من الشريعة، بينما رأينا (بعض) الناس يتحدث عن الوسطية، ويعني بها ما يمارسه من انفلاتٍ ومناكفة للثوابت الشرعية والوطنية، واتباعٍ للشذوذات، وما يطلبه المستمعون، وإن كان الحديث عن احترام القيادة فهذا أمرٌ يجل عن الوصف، وهو مدرسة في ذلك.
وإن كان الحديث عن الفكر والإبداع والدقة في الألفاظ وسرعة البديهة، فله القدح المعلّى في ذلك، وأذكر قديماً أن وزارة الشئون الإسلامية كانت تُقيم معرضاً سنوياً بعنوان (كن داعياً)، فقيل لي آنذاك إن الأمير خالد الفيصل له تحفظ على العنوان، ويرى أن يكون العنوان: (كن داعياً إلى الله) وليس فقط (كن داعياً)، لأن الدعوة يجب أن تكون (إلى الله) لا إلى الأهواء والأحزاب والجماعات وما تهوى الأنفس، والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة وردا بهذه الإضافة (إلى الله)، كما في قوله تعالى (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله) وقوله (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله) والآيات في هذا كثيرة، بينما مجرد الدعوة قد تكون إلى ضلالة وفي الحديث (دعاة على أبواب جهنم)، فسماهم دعاة، فقلت: هذا الأمير عالم في الدين والدنيا، فلله ما أفقهه وأحكمه وأبعد نظره، (وماشهدنا إلا بما علمنا).
ولما أعلن الإعلامي الأستاذ الفاضل عبدالله المديفر أنه سيستضيف الأمير خالد الفيصل، حرصت جداً على متابعته، فكان لقاءً ماتعاً وجاذباً ومُثْرياً، ولما ختمه المديفر بسؤال قال فيه: لو طلب جيلي من سموك وصية يحفظها عنك.. بماذا ستوصيه؟ فكانت وصيته التي نرجو أن تكون في ميزان حسناته: (احفظ الله يحفظك)، وهي وصية عظيمة ونافعة، أوصى بها النبي عليه الصلاة والسلام ابن عباس رضي الله عنه.
ولاريب أن من حفظ الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فإن الله يحفظه وينجيه في الدنيا والآخرة، والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة ومعلومة.
لقد يسر الله لي في العام الماضي أن تشرفت فيها بحضور جلسة الأمير خالد الفيصل وهي المرة الأولى التي ألتقي فيها بالأمير وأتشرف بحضور مجلسه، ومع أن الجلسة كانت تضم حوارات لنخب مثقفة، إلا أن ما لفت نظري، الصمت المهيب للأمير، حيث لم يتكلم طوال الجلسة إلا بجملتين اثنتين رائعتين لازلت أحفظهما، الأولى: لما كثر الحوار عن بعض المخترعات الحديثة، وأنها ستحل محل الإنسان، أو تلغي دوره، قال الأمير - كما فهمت - كيف تلغي دور الإنسان، وقد سخرها الله للإنسان: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون}، والثانية: عندما طال النقاش عن عمارة الكون، وأن الله خلق الخلق لعمارة الكون، قال سموه: (خلق الله الخلق لعبادته) قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، لم أسمع من سموه إلا هاتين الجملتين اللتين هما: فصل الخطاب.
فاللهم احفظ الأمير خالد الفيصل، وأطل عمره، وأحسن عمله، وارزقه الصحة والعافية، ومتعنا بحياته، واجعل كل ما قدمه لدينه ووطنه وقيادته ومجتمعه في موازين حسناته.