عايض البقمي
هل هناك علاقة حميمة بين ورد الطبيعة وبين المخلوقات الجميلة (الخيل)، إنك لا تسمِ شيئاً باسم شيء آخر إلا وأنت تتخيل في ذهنك علاقة ما بين الشكل والمعنى، فإذا ما سمَّيت فتاة مزيونة (بقمر) فأنت لا تعني صورة القمر بل الحسن.
وإذا ما سمَّيت ابنك سعدا أو سلمان أو سلطان أو سعود أو فيصل، فأنت تقصد التيمن بشخصية من يحمل تلك الأسماء بصفاتهم المتعددة والراقية.
إذاً ما معنى فيمن سموا جيادهم (ورداً).
كلنا بالطبع وخصوصاً الأكثر عراقة من أهل الخيل يتذكرون الحصان والفحل الشهير (الورد) والعائد في ذلك الزمن الجميل للإسطبل الأزرق.
هم بلا أدنى شك وبحسهم وعرفهم يريدون اللون وما وراء اللون من محبة للورد.
حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه - سمَّى أحد أفراسه «الورد» التي وصفها ذات زمن بعيد بقوله:
اتقي دونه المنايا لنفسي
وهو دوني يغشى صدور المعالي
ولكم الحرية في إعادة قراءة هذا البيت الخالد مراراً لبراعته في التورية.
فالإيحاء الأول لعبارة سلاح الورد هو تمازج أرق ما في الكون وأخطر ما فيه، وهذا وصف ساحر يجمع ما بين طرفي النقيض، وكأن الشاعر يقول: أنا في غاية القوة والصلابة وغاية الرقة الخلابة.
كوني فارس حرب وفارس غزل ومحباً يُحب، ثم سرعان ما تكتشف أنه أراد شيئاً خلف كل ذلك وهو السلاح والفرس التي سماها «وردا» حيث إنه رجل حرب وقتال لا أكثر؟
«الورد» في اللغة هو الزهر الذي يشم، قيل للأسد ورد وللفرس ورد وهو بين الكميت أي الداكن والأشقر.
وأوضح ابن سيده: أن الوردة لونها أحمر يضرب إلى حسنه في كل شيء وجمع الورد « وراد» وعشاق إسطبل أبناء الأمير بدر بن عبد العزيز - رحمه الله - يتذكرون، ولن يبرح من ذاكرتهم ذلك الاسم الجميل باسمه الأصيل.
الغرناطي صاحب كتاب الخيل أراد أن يكون أكثر تخصصاً ، حيث بين أن الوردة في ألوان الخيل هي الحمرة الخالصة، ويرى أن الفرق بين الكميت والأشقر يميز بالعرف والذنب، فإذا كانا أحمرين أو أصهبين فهو أشقر وإن كانا أسودين فهو كميت.
ومتى أسهبنا في شرح معاني تلك الأسماء الثلاثة وهويتها اللغوية الأصيلة فإن ذلك قد يحتاج منا إلى صفحات وليس مقالة.
ما دعاني إلى الدخول في دهاليز تلك الأسماء العريقة بورودها البديعة ليس استعراضاً وفرد عضلات التخصص بقدر ما هو الغزو المكثف من قبل الحصن والأفراس الأجنبيات القادمة من بلاد الخواجات، وهي تركض بالمضامير السعودية بذات أسمائها (الأجنبية) لكي يتاح لسباقاتنا صفة الرسمية، وذلك عبر دخولها منظومة «الجوكي كلَبّ» العالمية؟
المؤكد وبشكل قاطع أن ذلك يأتي في مصلحة الفروسية السعودية لسباقات السرعة وهي مقبلة على استضافة أغلى سباق في العالم نهاية شهر فبراير المقبل.
وبشكل عام وعلى وجه الخصوص لصناعتنا المحلية على مدى المستقبل البعيد وخصوصاً في جزئية اختيار أسمائها العربية، حيث ستبقى في قبضة اختياراتنا وأنا على يقين وإدراك كامل بأن المشاهد والمتابع المتلقي العادي سينحاز وبدون مقدمات للجياد المسماة سعودياً دون النظر إلى انتمائها وشعاراتها عند تحقيقها الانتصارات، ولاسيما البطولات الكبرى فهي ربما تكون الراسخة في الأذهان.
ولعل الكثيرين سيذهبون في سباق كأس المليك المقبل مع الجوادين «بإذن الله» و»لعيون وليد» في شوط المستورد، مع تمنياتي أن يكون هناك تثقيف للجيل الحالي والمقبل ونحو آفاق أوسع وأرحب باتجاه عولمة أسماء جيادنا محلية وخارجية دون أن تكون مترجمة.
رأيكم دامت أسماء خيولنا تحت دبرتنا ودبرتكم دام عزنا دام عزكم.
المسار الأخير:
لولاي ما قدر حقوق الرياجيل
ما صرت في عيون الرجاجيل حاجة