رمضان جريدي العنزي
الخرافة بضاعة فاسدة قائمة على تهميش العقل، واعوجاج السليقة، بعيدًا عن العلم والمعرفة ومعطيات المنطق السليم. الخرافة قائمة على الخزعبلات والدجل والكذب، ولها لون وشكل وتحريف، ومنظِّرون ومتلقون وزبائن ومريدون. والخرافة بعيدة جدًّا عن الحجة القويمة، والدليل الصحيح.. لها ظلمة وعتمة، وليس لها نور وضوء.. أصحابها حمقى، يجيدون خلط الحابل بالنابل، والبياض بالسواد.. مبرراتهم واهنة، ودلائلهم ضعيفة. طبقة من الناس لا عمل لهم سوى التهويم والتهويل، وصنع الدجل والبُهت والخرافة، يجيدون تغفيل الناس المجاني، لهم سذاجة وتبلُّد حسي، ينساقون وراء مصالح شخصية بحتة، ثعالبيون في الفكر والتعامل، وضباع في الحجة والمنطق، متقعرون في الفهم والإدراك، ولهم قدرة فائقة في اللف والدوران، وعجزهم بائن في الدليل والإثبات والحجة. إنهم يريدون أن يبنوا لهم مجدًا على حساب الآخرين من خلال المراوغات والهلاميات الباهتة.
الخرافة من أبشع ألوان الطرح، ومن النادر جدًّا أن تعثر على (خرافي) واحد له فكر وقّاد وعلم ومعرفة وحجة قاطعة ودليل.. ومن هنا كانت البلية العظيمة بوجود عدد كبير من الخرافيين الذين لا شغل لهم سوى الزج بالخرافة، والترويج لها وفق معطيات واهية، لا أساس قويم لها.
إن الخرافة لها آثار ذميمة، ومنتجات وخيمة، تشيع الفتنة، وتزرع البغضاء، وتحرض على الفصام الفكري، وتضعف المنطق، وتزرع بالنفس النكد.
إن الخرافيين أصحاب عاهات أخلاقية وأدبية، مظاهرهم مستعارة، ويخفون وراءها كثيرًا من الأمراض والأدران والأوبئة.. ما عندهم نفع اجتماعي، ولا وطني، ولا ينهضون بالمجتمعات، ولا همّ لهم سوى التنفيس عن مخزون نفسي رهيب، تختلسون الحقيقة، ويرفضون الواقع بعيدًا عن النزاهة وقواعد وموازين الأخلاق والإنسانية والحضارة.
الخرافيون عصابات آثمة، تهوى المستنقع والظلمة والظلام، ويتنكرون للضوابط والموازين، انتقلوا من خندق الإيمان إلى خندق الفساد والإفساد والشيطان.. أعمالهم ليست سوية، وجرائمهم في حق العقل والفكر والمنطق كثيرة.. بشعون حد التقيؤ، يسكن اللؤم والحقد والبغض نفوسهم الشريرة بلا منازع، عندهم شعور بالنقص؛ لهذا يصطفون مع الشيطان وحزبه، وينخرطون معًا في مشاريع الإجرام والعبثية.. مفلسون بالكامل، خالفوا الفطرة والحال والواقع، وداسوا على الحقيقة والواقع دون خجل ولا حياء ولا ذرة من إيمان.. يستهينون بالعقل، يبتغون الدنيا، ولا يبالون بالآخرة، وهم بالمنظور الأخلاقي من أسوأ المنحدرين إلى سفوح الجشع والطمع والسفالة، ويستمرئون السحت الحرام، وفق تنظيرات وتنبؤات ما أنزل الله بها من سلطان غير الرجم بالغيب، والضرب بالرمل والودع.. وهم إلى جانب ذلك كله أسهموا كثيرًا بالانحدار الأخلاقي الآثم.
إن الخرافيين فرسان الخزعبلات والتلاعب بالألفاظ، انزلقوا كثيرًا في ميادين الكذب نتيجة خوائهم الروحي والأخلاقي، وطمعهم المادي البحت، وضعف وازعهم الديني.. لقد سوَّدوا صحائفهم بالمروق والعصيان، ولن يفلحوا أبدًا، وسيبوءون بالإثم المبين.