سمر المقرن
باتت عمليات التجميل جزءاً مهماً في الحياة المعاصرة، حتى أصبح سوقها رائجاً تتنافس فيه الدول المتقدمة طبياً، وصار حقلاً مهمًا لتجارة تدر الربح الوفير.
وخلق التسابق المحموم بين أطباء وعيادات التجميل ممارسات سلبية، انتشرت في بعض الدول التي غابت فيها قوانين حماية المرضى، وانتشر فيها إفساد بشكل مستشرٍ، وأصبح الربح مقدماً على قيم المهنة المقدسة في كل العالم.
كانت تركيا إحدى هذه الدول، حيث تحولت إلى دكاكين تجري عمليات دون أدنى معايير المهنة والسلامة، مما تسبب في كثير من المشكلات لروادها ومراجعيها.
ولا يكاد يمر يوم أو آخر إلا وتنشر وسائل الإعلام قصة لمن عانين كثيراً من الأخطاء الطبية الكارثية للدكاكين التركية التي تسمى نفسها عيادات تجميل جزافًا، دون أدنى تحرك مسؤول من السلطات، إذ فشلت العديد من ضحايا تلك الدكاكين من الحصول على حقوقهن بعد مصائب أشباه الأطباء، فأصبحن بأجسام مشوهة، بعد أن كن يبحثن عن الكمال في الجمال.
وتعتمد الدكاكين التركية على حملات تسويق يقودها «مشاهير الفلس» الباحثين عن العائد المادي دون أدنى مراعاة لعواقب ما يروجون له، فكل ما يهمهم الحصول على رحلات سياحية مجانية، مع بهرجة الحراسة الشخصية والهدايا المقدمة من «جزارين» يرتدون معاطف الأطباء.
يروج مشاهير التواصل بأن العمليات التجميلية أقل تكلفة في تركيا من غيرها، مستغلين بحث البعض عن سعر أقل دون النظر في الجودة المنخفضة، بل والغائبة في كثير من العيادات التركية، والتي استغلت الفساد المستشري للحصول على تراخيص للعمل، واستمرت في ممارسة نشاطها بالتعدي على المراجعين، فكثرت ضحاياهم من مختلف الجنسيات، بل ولا تكاد تختفي قصص ضحاياهم عن الصحافة التركية التي ترفض الخضوع لتوصيات الحزب الحاكم، والذي يحاول في إعلامه كثيرًا التغطية على هذه المصائب خوفاً من تأثر السياحة الطبية المتراجعة أصلاً، بعد تراجع الأمن منذ رئاسة أردوغان.
وأخيراً على كل من تبحث عن مركز لتجري فيه عملية تجميل أن تبحث في شهادات من ستسلمهم نفسها، وأعني بذلك أن تدقق فيها، وأن لا تستسلم للعناوين البراقة والجمل الرنانة التي يسوقونها لها، ولا حتى بالحالات الوهمية التي يعرضونها لها، قبل أن تتورط في عملية تقبيح أكثر من كونه عملية تجميل!!