خالد بن حمد المالك
منذ تولي الرئيس ميشيل عون رئاسة لبنان، وهذا البلد الجميل لم ينعم بالاستقرار، بل إنه ازداد تدهوراً في اقتصاده، وتخلتْ الدول المانحة عن دعمه، ولم يعد قبلةً للسياح للاستمتاع بأجوائه وخدماته كما كان من قبل، ما قلَّص كثيراً من فرص العمل المتاحة للمواطنين، وجعل الاستثمار في السياحة ومن يعمل فيها في أسوأ حال.
* *
الرئيس اللبناني ميشيل عون يتحمَّل المسؤولية في هذه الأزمة كونه رئيس لبنان، فقد أعطى ظهره للدول الداعمة، وخصوصاً دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ووثَّقَ علاقته بإيران، وبحزب الله اللبناني وأمين الحزب العميل حسن نصر الله، وهناك ارتباط وثيق بين حزب الرئيس وحزب الله وكيل إيران في لبنان.
* *
ولم تكن هذه فقط مسؤولية الرئيس عون في وضع لبنان كما هو حاله الآن، فهناك تجاهله لصوت الجماهير الغاضبة، وعدم إصغائه لمطالبهم، وعدم استعداده للموافقة على تسمية رئيس للوزراء لتشكيل حكومة إذا ما كانت سوف تواجَه بالاعتراض من حسن نصر الله، وكأنه لا يملك القدرة على التلويح بما يُغضِب وكلاء طهران في لبنان.
* *
ومع ذلك، فكلنا أمل بأن ينجح رئيس الحكومة المكلف حسان دياب من تشكيلها بأسماء مستقلين تكون حكومة كونقراط، وتلبي طموحات الشارع الغاضب، وتنال ثقتهم، وبالتالي تعالج المشكلات المتفاقمة التي يعاني منها لبنان، وأثرت عليه اقتصادياً وأمنياً، وعرضته للخطر.
* *
وامتداداً لكل هذا، فإنَّ عون يبدي تسامحاً مع تصرفات وزير الخارجية في وزارة تصريف الأعمال صهره جبران باسيل الذي يتحدث كما لو أنه الرئيس، ويهدد ويتوعَّد، ويظهر مواقفه السلبية من كل أشقاء لبنان الداعمين لها على امتداد التاريخ، دون أن يجد رادعاً من الرئيس، وهو ما يفسِّر حجم الضرر الذي يعانيه لبنان بسبب تصرفات ونفوذ الوزير باسيل.
* *
وبنظرنا فإنه لا حلول جاهزة لمعالجة أوجاع لبنان، فالأمراض مستشرية، والرئيس يعترف بأن أسبابها داخلية وخارجية، ولكنه لا يتجرأ بأن يضع النقاط على الحروف، ويسمي الفاعلين بأسمائهم، ولا أن يقول إنه شخصياً من بين هذه الأسباب، كما أنه لا يرغب في تحجيم نفوذ حزب الله، ووضع حدٍّ لمواقف حسن نصر الله ضد أي إصلاحات لصالح لبنان.
* *
وإذا أراد الرئيس عون أن يوقف الفساد في لبنان، ويؤمِّن مصالح المستثمرين فيه، ويحول دون استمرار هذه الموجات الغاضبة من المواطنين في الشوارع، فعليه أن يعلن بأن مشكلات لبنان تنحصر في جزء كبير منها في حزب الله وأمينه العام حسن نصر الله، وأن يَحُدَّ من تدخلات وتصرفات صهره جبران باسيل، لأن أي تصرف من هذا الوزير المتهور سوف يُنسَب للرئيس عون ولو كان بريئاً، وسوف يُفسَّر صمته على أن هذا هو الواقع.
* *
نريد يا فخامة الرئيس أن يعود لبنان إلى سابق عهده، بأجوائه وخدماته وأمنه واستقلاله، قويًا بما يخدم مصالح الشعب اللبناني، بلا ميليشيات تملك من السلاح والعتاد ما لا يملكه الجيش اللبناني، كما هو حزب الله اللبناني الذي يقول حسن نصر الله إنه يتلقى الرواتب وكل مصاريف الحزب من إيران، وبالتالي فليس غريبًا أن يعتبر هذا العميل أن لبنان - كما قالها أسياده - جزء من إيران، وأن بيروت إحدى عواصم الدولة الفارسية، وأن الطاعة واجبة لولاية الفقيه.