م. خالد إبراهيم الحجي
إن استعداد الدول للتكامل الإقليمي المشترك مع دول الجوار من أجل رفع مستوى التعاون المتبادل من خلال المؤسسات والقواعد المشتركة يؤدي إلى التحالف السياسي، والتعاون المتبادل بين دول الإقليم الواحد الذي لا يقل أهمية عن التحالفات الدولية الأخرى، إن لم يكن أكثر منها أهمية كخيار سياسي مؤثر وفعال لتوحيد المواقف الدولية لدول الإقليم الواحد، للوقوف معاً أمام المخاطر المحيطة، والتهديدات المحدقة بها.. وقد أدركت المملكة العربية السعودية أهمية التحالفات الإقليمية وفوائدها منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي قبل 38 سنة؛ لذلك أرادت أن توظف خبراتها السابقة التي اكتسبتها من عضويتها في مجلس التعاون الخليجي في تحقيق المصالح المتبادلة والتعاون المشترك في إقليم البحر الأحمر؛ فأخذت على عاتقها زمام المبادرة ودعت إلى تأسيس كيان للتعاون الإقليمي والتحالف السياسي المشترك مع الدول المتشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن التي يبلغ مجموع سكانها أكثر من 200 مليون، يتحدثون اللغة العربية، وهي: السعودية والأردن واليمن وتقع إلى شرق البحر الأحمر، ومصر والسودان والصومال وإريتيريا وجيبوتي التي تقع إلى غرب البحر الأحمر وخليج عدن. فوافقت الدول السبع على دعوة السعودية وتم تأسيس التحالف لتحقيق الأهداف التالية:
(1): توظيف القواسم المشتركة، مثل: الاتحاد في اللغة والدين والعروبة وحدود البحر الأحمر، والظروف المناخية والاستوائية المتقاربة في مواقعها الجغرافية على شمال وجنوب مدار السرطان الذي يمر من منتصف السعودية في شبه الجزيرة العربية، وحاجتها إلى استخدام خطوط الملاحة الدولية وتأمينها لتصدير واستيراد منتجاتها المختلفة عبر موانئها الموجودة على شواطئ البحر الأحمر.
(2): تحقيق التنسيق والتكاتف والتعاون والتكامل بين دول التحالف، والقدرة على التحرك الإقليمي الموحد، ليكون قوة إقليمية مناظرة للأقاليم الأخرى، فعالة ومؤثرة في الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط.
(3): تعزيز التناغم والتواصل والتعاون وتبادل الخبرات في مجالات الزراعة، والتجارة، والصناعة، والتنمية، والاستثمارات الاقتصادية وحماية البيئة، والاستقرار الأمني بين الدول الثماني. وفتح الباب أمام دول الإقليم للبحث والعثور على فرص جديدة للتعاون المتبادل المشترك.
(4): استعداد الدول الثماني ورغبتها السياسية في تأسيسه، لمواجهة التحديات الراهنة بالتصدي للمؤامرات والتهديدات والأخطار التي تواجه المنطقة، ومنع القوي الخارجية من الإضرار بمصالحها الإستراتيجية المشتركة، مثل: أعمال القرصنة والتهريب والاتجار بالبشر بجميع صورها وأشكالها، ومحاولات إيران المستمرة فرض النفوذ والسيطرة على مضيق باب المندب، والتحكم فيه بعد دعمها لمليشيات الحوثي في حربهم ضد الشرعية، ووضع أقدامها وتثبيتها في اليمن بعد أن استولت على الجزر الإماراتية الثلاث المشرفة على مضيق هرمز في الخليج العربي.
إن التكامل الإقليمي المشترك عبر إنشاء كيان للتعاون الإقليمي والتحالف السياسي بين دول البحر الأحمر وخليج عدن سيكون قطبية إقليمية جديدة، يحقق التقارب والتفاهم في وجهات النظر، والرؤية العقلانية الرصينة، والتماسك والتلاحم من أجل البناء والتنمية الاقتصادية المستمرة، وزيادة قوة كل دولة من خلال التحرك الموحد، للتأثير الفعّال على المسرح الدولي في التعامل مع الأحداث الجارية وحسن إدارتها، واتخاذ المواقف الموحدة في معالجة القضايا والمشاكل الدولية المشتركة، والسير جنباً إلى جنب في طرق الحل العملي للقضايا الصعبة الشائكة، وتحقيق المصالح المتبادلة، والنتائج المثمرة المشتركة التي تمس دول الإقليم والمنطقة وتفيدها، وتحافظ على الاستقرار والأمن الداخلي لتحقيق التوازن مع التحالفات الإقليمية الأخرى على مستوى العالم.. لذلك فإن فكرة المملكة العربية السعودية في إنشاء كيان للتعاون الإقليمي والتحالف السياسي مع دول البحر الأحمر وخليج عدن سيزيدها قوةً أكثر، وتأثيراً أكبر في الوطن العربي، وإقليم الشرق الأوسط، وباقي دول العالم.
الخلاصة:
إن تحالف دول البحر الأحمر وخليج عدن سيكون قوة إقليمية سياسية جديدة مناظرة للتحالفات السياسية الإقليمية الأخرى، ووجود قيادة التحالف السياسية في الرياض سيزيد من مركز جاذبيتها الدولية لملتقى قارات العالم القديم آسيا وإفريقيا وأوروبا.