خالد الربيعان
لا وجود هنا لـ «القبيح» كما يقول العنوان الشهير لأحد أفضل أفلام الغرب الشرس الأمريكي، «الطيب والشرس والقبيح»، فما حدث هنا على ملاعب المملكة التي استضافت السوبر الإسباني: لم يقتصر إلا على هاتين الشخصيتين!
الطيب كان أتليتكو مدريد، والشرس كان شقيقه وخصمه - الأكبر والأضخم - الريال!، شاهدنا فلسفتين مختلفتين لإدارة الأندية الرياضية، عندما تنعكس على أرض الملعب، عندك أتليتكو الذي يلعب كرة جميلة، لا يركز إلا في الملعب، آخر ما يهتم به هو النتائج، «غير متعود على البطولات»!
بينما ريال مدريد «الشرس»، لا يهتم بكرة قدم، ولا بأداء جميل، إن أتى كل هذا خيراً وبركة!، وإن لم يأتِ فإن المهم دائماً : «الذهب»، التتويج، البطولة، نأخذها ونرميها بدولاب البطولات، ولا نفرح بها إلا يومين أو أسبوعاً لنبحث عن أخرى فوراً!
في 2016 يلعبون نهائي الأبطال مع أتليتكو أيضاً، الدقيقة الأخيرة والنتيجة التعادل، سيرخيو راموس - طبعاً - ينْقضْ على «كاراسكو» لاعب اتليتكو الذاهب للمرمى بفرصه أكيدة ويضربه، ويأخذ إنذاراً فقط على هذه الفعلة! وانتهت المباراة بفوز الريال! لا أحد يمنعنا من البطولة، بالحُسْنَى أو بالعدوان!
أيضاً دوري الأبطال قبل الماضي، «يا ليفربول : مِن الآخِر.. من نجمكم؟! .. صلاح؟! .. صدعتم رؤوسنا به يا «صغير»، رأينا النظرة القاتلة من «رونالدو» لصلاح لو تتذكرون في ممر الملعب، نظرة من طراز « لقد اتفقت مع جزار فريقنا، ليذبحك ولن تلعب، دوري الأبطال من نصيبي، السنة القادمة العب أنت مع توتنهام وخذ دوري الأبطال يا حبيبي، بينما الليلة « اِنسَ»!.. هذه ليلتي!
ورأينا راموس - ومن غيره! - يتحول للاعب «جودو» ويفعل حركة بلمح البصر.. رأينا صلاح يبكي ويخرج والريال يفوز بالأربعة! وفي جدة منذ أيام نرى انفرادا لأتليتكو بالدقيقة 115 والنتيجة تعادل، مدافع الريال ينقض على «موراتا» ويطرحه أرضاً ويأخذ كارت أحمر.. لا مشكلة، والسعوديون على تويتر رحبوا وأعجبوا بهذا! وقال معظمهم «رجَّال، كارت أحمر = بطولة!» لتكون النتيجة أن زيدان مدرب الريال الداهية : يلعب 9 نهائي يقود فيها الريال، ويفوز بـ ...9 نهائي!، نادٍ شرس جداً، وطموحه قاتل، ومبدؤه ..»أنت معنا؟ أنت حبيبنا .. تنافسنا؟ أنت قتيلنا!»
هل يكتفي الريال بالذهب فقط داخل الملعب؟ لا! بل هو لا يقبل بأقل من تسيده أغلى أندية العالم وأكثرها تحقيقاً للإيرادات، فعلها 10 سنوات متتالية، ومنذ ساعات ظهر التقرير الأخير لأغنى أندية العالم، وهو الثاني عالمياً بأرباح 757 مليون يورو الموسم الماضي فقط! أي 3 مليارات و100 مليون ريال!
رقم «رهيب» أكثره من أنشطة الاستثمار والتسويق الرياضي، فهو في هذه الناحية «أشرس» مما قلنا داخل الملعب!، 30 شركة راعية للنادي، متاجر بطول وعرض العالم، مدينة رياضية متكاملة هي الأكبر عالمياً، ورابطة الدوري الأسباني عندما تعاقدت مع هيئة الرياضة السعودية لاستضافة السوبر، كانت تبحث عن مردود مالي أكثر، فعدلت نظام البطولة ليكون بين 4 فرق، لابد من تسويق البطولة جيداً على الأراضي العربية، جاءت بريال مدريد! رغم أنه لا بطل دوري ولا كأس!
النتيجة ارتفاع حقوق بث السوبر من 2.5 مليون يورو إلى 15 مليوناً !، راعي الريال «أديداس» بسرعة البرق ينفذ فكرة عبقرية بطرح جميع قمصان الريال بالكتابة والأرقام العربية، ويسوقها بحضور نجومه ومدربهم وتوقيعاتهم!
لذلك ريال مدريد هو الريال وسيظل، كبيرا وعالميا، نادياً و»شركة تسويق واستثمار».. بحجم جمهورية!، يفعل المستحيل وبوحشية ليفوز، والتاريخ لن يذكر الأخلاقيات للأسف .. بل يذكر دائماً «المنتصر»، «الأول»، بينما الثاني دائماً والثالث يتساوى مع الأخير .. يسقط من ورقة التاريخ!
تسويق المملكة
بعد السوبر رأيت بعيني البث وملخصاته وتحليله على قنوات أمريكية، فرنسية، ألمانية، روسية، كرر فيها جميع المعلقين كلمة «saudi» أكثر من مرة! بجانب مئات المرات تتكرر الكلمة في جميع صحف ومواقع العالم رأيت منها As الأسبانية وصن وديلي ميل الإنجليزية، حتى «فوربس» الاقتصادية الأمريكية، ولا تنسَ منصات التواصل الاجتماعي الكثيرة بتفاعلاتها «المليونية» .. وهو تسويق للمملكة جيد جداً.. معناه - بالمستقبل - فعاليات أخرى عالمية!