د. حمزة السالم
«نرفض اليهود لأنهم يسرقون العالم ويرفضون المسيح، ويتحكمون بالبنوك عالمياً، وهم أصل الشيوعية. ونرفض الآسيويين والترك والمغول والتتر والزنوج، كما نرفض الكاثوليك، لأنهم أيدوا الديكتاتور الروماني».
هذه شعارات تحكي المبادئ التي قامت عليها الطائفة العنصرية -التي تؤمن بعلو العرق الأبيض- المسماة: بكوكلوكس كلان بالإنجليزية (Ku Klux Klan).
خرجت الـ KKK في الجنوب الأمريكي بعد تحرير العبيد الذي نتج عن انتصار الشمال في الحرب الأهلية 1861-1865.
والـ(كي كي كي).. منظمة إرهابية كونها تلجأ للإرهاب والعنف مع غيرها، سواء بقتلهم -كاغتيال اليهود والبيض المناصرين للمساواة- أو بشنقهم (كشنق السود في الطرقات) أو تعذيبهم كالحرق على الصليب.
تبنت الـ KKK فرض قانون منع الهجرة للولايات الأمريكية المتحدة، كما دعمت الحركة التقدمية البروتستانتية المنادية بفرض حظر على بيع الخمور، والذي انتهى بإقرار قانون منع الخمر1920 (والذي تم إلغاؤه على يد الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1933).
وقد تنامت الطائفة، حتى قاموا باستعراض كبير واشنطن، وكانوا نحو 7 ملايين عضو، وكان من أعضائها رؤساء مستقبلين ونواب وقضاة. وجاذبية الـ»كي كي كي» جاءت من حملها لشعار حماية الأمريكان من المهاجرين واليهود والسود، وكان لها شعبية في الجنوب، لتضييقها على الهجرة، وفرض قانون منع الخمور، الذي أدى إلى التفسخ والانحلال، وذلك لظهور ثقافة الصوالين وموسيقى الجاز وجلوس النساء على البارات، ثم الاختلاط ثم الدعارة والتفسخ. ذلك أن قرار منع الخمر، خلق بيئة مناسبة لظهور المافيا، التي تنظمت وقويت لدخولها عالم تهريب الخمور. كما أن التضييق على الهجرة أظهر عصابات تهريب المهاجرين وشرار الهاربين من ديارهم.
وظل الجنوب يراوح في تجرع مرارات أحقاد الحرب الأهلية، وفي الانغلاق والعنصرية، حتى تدهور اقتصادياً، بينما انطلق الشمال في الإبداع والازدهار الاقتصادي، من خلال استقباله وتشجيعه للمهاجرين، ومن خلال نظرته المستقبلية.
فساهم الوضع الاقتصادي في اكتساب المافيا حب الشعب الأمريكي المتحرر، التي وفرت للناس الخمور والترفيه. فمن أجل تصريف الخمور المهربة من أوروبا، أسست المافيا النوادي الليلية، ونشرت فيها الاختلاط والشذوذ، لأول مرة على الأرض الأمريكية.
كما جاءت المافيا بموسيقى الجاز، والتي مسحت كل الفوارق العرقية والمذهبية.. كما أن المافيا -وعلى يد يهود مهاجرين- هي من أنشأت هوليود، من أجل مقاومة أفلام الدعاية لـ»كي كي كي»، ومن أجل الترويج للنوادي -التي تصرف لهم الخمور-، وذلك من خلال الترويج ثقافة مساواة الأعراق والأجناس والإباحية وإلغاء العنصرية والتطرف.
إذاً فالمافيا وحش خلقها تطرف الـ KKK وجعلت منها العدو الأول لها، ذلك العداء الذي انتهى بقضاء الموجود (المافيا) على مُوجده kkk رغم دموية وشراسة وعنف الـ kkk، إلا أنها لا تقارن بشراسة ودموية المافيا.
في الجنوب، دأبت KKK على شنق السود وقتل اليهود والمهاجرين، ومن يتعاطف معهم، وكان الرؤساء الأمريكيون يتجاهلون مماطلين، كي لا يفقدوا شعبيتهم، أو لا يفقدوا انتباه الشعب لما هو اعظم، كما يُعتذر لروزفلت، الذي لم يتدخل في عمليات شنق السود في الجنوب.
وجاء الرئيس الأمريكي هوفر، عازما على القضاء على الـ كي كي كي.. فكانت قضية المسيسبي تحترق، أول ضربة مؤلمة لـ KKK. وعندما عجز مكتب الأمن الفدرالي FBI عن محاكمة KKK، خارج محاكم الجنوب، -التي كانت تبرؤهم- لجأ الـ FBI للمافيا، طالباً منها المساعدة، فمسحت المافيا الـ كي كي كي من الوجود، وذلك نحو عام 1964.
حرب المافيا والـ كي والكي، كانت، وكأنها إعادة للحرب الأهلية. الشمال تمثله المافيا الجمهوريون والجنوب تمثله الـ كي كي كي الديمقراطيون (ويُنتبه بأن الوضع الآن انقلب، فحل كل حزب محل الآخر في هذا الباب).