د. أحمد الفراج
لا شك أن عدوانية نظام الملالي في إيران وأطماعه التوسعية تمثل المعضلة الأكبر في منطقتنا الملتهبة على الدوام. وإذا كنا هنا في المنطقة مقتنعين بذلك، ونتعامل مع إيران على هذا الأساس، فنحن ندرك أن الدستور الإيراني ينص صراحة على التوسع في المنطقة. وفكرة التوسع هي حجر الأساس الصلب لهذا النظام المؤدلج الذي لم تشهد المنطقة استقرارًا منذ قيامه قبل أربعة عقود. فإن أُم المشاكل هي قناعة الدول الغربية، وتحديدًا دول أوروبا، بأنه يمكن ترويض إيران في إطار المجتمع الدولي، وهي ربما ليست قناعة بقدر ما هي تقديم المصالح الاقتصادية على الأمن والسلم العالميَّين. وقد تماهى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مع هذا الموقف الأوروبي؛ وبالتالي ضغط على دول المنطقة لمهادنة إيران، ثم انحاز لإيران كليًّا في سبيل تحقيق إنجاز يسجَّل باسمه، وهو ما حدث، لكن تم طمس هذا الإنجاز قبل أن تحفظه كتب التاريخ.
لم يقل أحد يومًا إن دول الخليج لا ترغب في العيش بسلام مع جارها الإيراني؛ فهذه هي رغبة دول الخليج كافة. ولعلنا نذكر ما فعله الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - في هذا السياق. هذا، ولكن الواقع أثبت - ولا يزال يثبت - أن حديث ملالي طهران عن الرغبة في السلام هو مجرد مناورات استراتيجية، يقصد منها التعمية على حقيقة هذا النظام الذي تشير كل سياساته إلى أنه لا يريد التعايش بسلام مع جيرانه، بل يريد الهيمنة؛ فهو نظام طائفي توسعي. وما أذرعه وخلاياه في طول المنطقة وعرضها إلا دليل على ذلك. فمن يريد السلام لا يؤسس ميليشيات مسلحة خارج حدوده الجغرافية، وينفق عليها مليارات الدولارات من قوت الشعب الإيراني، وعلى حساب مشاريعه التنموية.. ومن يجنح للسلام لا يدعم أعمال العنف ضد جيرانه، ولا يعتدي على سفاراتهم التي تحميها قوانين المجتمع الدولي. والخلاصة هي أن إيران ليست مستعدة للعيش بسلام مع جيرانها؛ فهدفها كان - ولا يزال - هو التوسع والهيمنة. وهذا هو ديدن الأنظمة الفاشية المؤدلجة على مَرّ التاريخ!