د.شريف بن محمد الأتربي
في جلسة أخوية على أرض محافظة العلا التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- دولة رئيس وزراء اليابان شينزو آبي. والمتأمل في مغزى هذه الزيارة وأهمية المكان والتوقيت سيجد مئات الرسائل التي حملها اللقاء وأرسلت عبر وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة مع بدء عام 2020 وما فيه من أحداث جرت وأثرت على الساحة العالمية ككل، أو ستجري وستأثر على العالم أجمع مثل اجتماع مجموعة العشرين في نهاية هذا العام على أرض المملكة.
وتمثل العلا إحدى الوجهات السياحية الجديدة التي سلطت عليها الأضواء خلال السنوات الأخيرة لما تحتويه المدينة من إرث تاريخي عظيم، وطبيعة جبلية ساحرة، وطقس مثالي خاصة في فصل الشتاء. وقد ترك التاريخ الكثير من بصماته على آثارها فهي تعد ملتقى للحضارات فسكنها الأنباط قوم النبي صالح، وأسسوا حضارتهم فيها، واكتشف المؤرخون بقايا آثار تعود لعصر اللحيانيين الذين استوطنوها قبل الميلاد بـ900 عام نظرًا لما تتمتع به من خصوبة الأرض ووفرة المياه.
كما تعد نقطة التقاء بين حضارات الشرق الأدنى القديم وحاضرة التجارة القديمة، لوقوعها على طريق البن والبخور والتوابل في ذاك الوقت. وتبعد العلا نحو 300 كيلومتر شمال المدينة المنورة، كما أنها قريبة من حدود الشام، وعزز من مكانة العلا وقوعها على مسار قطار الحجاز الأثري لربط الشام بمكة الذي انطلقت أولى رحلاته على 1907.
ومن أشهر معالم العلا «مدائن صالح» وكانت تعرف قديمًا باسم «دار الحجر»، و»البلدة القديمة» التي يعود تاريخها إلى القرن الـ14 ميلادي، فعمرها يبلغ 650 عامًا وتتوسطها قلعة موسى بن نصير، التي تعود إلى القرن الـ6 قبل الميلاد، وهو مبنى من الحجر المشذب المقام على رأس هضبة صغيرة.
أما «الخريبة» (مقابر الأسود) فهي منطقة أثرية تمثل جزءًا من أطلال مدينة «دادان» القديمة التي تعود لحضارة مملكة «دادان» العربية، التي برزت سيادتها في تلك المنطقة في القرن الـ7 قبل الميلاد.
كما تضم أيضًا العلا عديدًا من الآثار المهمة ومنها صخرة جبل الفيل التي تقع على بعد 7 كيلومترات إلى جهة الشرق من محافظة العلا، وهي صخرة ضخمة يبلغ ارتفاعها عن الأرض 50 مترًا، تتميز بشكلها الفريد الذي يشبه الفيل، وتحيط بالصخرة مجموعة من الجبال ذات الألوان الفاتحة.
ومن هذه المحافظة الجميلة انطلق مهرجان «شتاء طنطورة» في 20 ديسمبر من العام الماضي، ويعد أبرز خطوات الجذب السياحي للمنطقة التي تشهد أجواء ساحرة مع قدوم فصل الشتاء، الذي يعد أيقونة الحياة للمزارعين فيها، لسقوط الأمطار وبداية موسم الخير.
من هذه المنطقة الساحرة أرسل سمو سيدي ولي العهد رسائل عدة من خلال هذا اللقاء أبرزت جمال وروعة المملكة وأنها تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق أهدافها في رؤية 2030 من تنوع مصادر الدخل والتوجه نحو مصادر أخرى غير النفط كالسياحة.
كما تضمنت الرسائل بث الطمأنينة في نفوس العالم أجمع أن مملكتنا هي مملكة الأمن والأمان رغم ما يدور من صراعات على أراضي بعض الدول المجاورة لها وما تقوم به إيران من تهديد للأمن والسلم العالميين.
ومن أهم الرسائل التي أرسلت من محافظة العلا هي رسالة الترحيب من قادة المملكة إلى العالم كله وخصوصًا الدول الأعضاء في مجموعة العشرين التي تشكل ثلثي سكان العالم، وتضم 85 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، و75 في المائة من التجارة العالمية وأكثر من 90 في المائة من الناتج العالمي الخام، وتهدف مجموعة العشرين إلى الجمع الممنهج لدول صناعية ومتقدمة مهمة بغية نقاش قضايا أساسية في الاقتصاد العالمي.
وتعد السعودية من الدول المؤسسة للمجموعة، وأسهم الدور السعودي في تعزيز دورها الريادي في اقتصاد العالم وأصبح لها تأثير في كثير من الاقتصاديات الإقليمية والعالمية.. وتستعد الرياض لاستضافة القمة ورئاسة المجموعة عام 2020، بعد أن تستلمها من اليابان التي تتولى القمة في 2019 لتقول لهم أهلاً ومرحبًا بكم في مملكة السلام حيث ستنطلق آمالكم وطموحاتكم في الآفاق لتعود بكل خير من أرض الخير إلى شعوبكم بل إلى العالم أجمع.
حفظكم الله سيدي قائد التغيير الملهم المستنير وبارك فيكم وفي جهودكم.