خالد بن حمد المالك
حتى الآن لا يزال لغز تفجير الحرس الثوري الإيراني للطائرة المدنية الأوكرانية المنكوبة مجهولاً وغامضًا؛ فإيران تحاول أن تخفي الحقيقة بهروبها من إعطاء أي معلومات، وتكرار القول بأنها لا تزال تتقصى الحقائق، دون أن نرى شيئًا غير الأكاذيب، والروايات المتناقضة، ومحاولة طمس معالم الجريمة بتنظيف موقع سقوط الطائرة، والادعاء بأن الصندوق الأسود قد تعرَّض للتلف.
* *
وفي ظل هذا التكتم الإيراني الشديد على الجريمة، تحاول طهران الظهور على أنها كانت في حالة ارتباك؛ ما سبَّب سوء تقديرها حين كانت تعتقد أن الطائرة المدنية هدف معادٍ؛ فتم إسقاطها وهي في أجواء المطار، لا في مناطق محظورة كما تقول أكاذيب نظام الملالي.
* *
الحديث الآن ليس عن تصديق أكاذيب الروايات الإيرانية، أو عدم تصديقها؛ فيكفي أن هناك إجماعًا عالميًّا على أنها تندرج ضمن الروايات الإيرانية الكثيرة التي تتسم بالتناقض والغموض وعدم الصدق، ومحاولة الالتفاف على الحقائق، ظنًّا منها بأنها سوف تهدئ من التداعيات التي زادت من الضغوط على إيران بعد جريمة تفجير الطائرة، وقتل أكثر من مائة وثمانين شخصًا، كانوا على متنها.
* *
ما يثير التساؤل: ما علاقة الثمانين شخصًا إيرانيًّا الذين لقوا حتفهم في هذا العمل غير الإنساني، في إقدام الحرس الثوري على توجيه صاروخه إلى هذا الهدف؟ هل هؤلاء الإيرانيون معارضون للنظام؛ وأرادت إيران أن تتخلص منهم، ولم تجد غير هذه الوسيلة الدنيئة؛ فأقدمت عليها معتقدة بأن العالم سوف يصدق رواياتها؛ وبالتالي لا يُطرح التساؤل المهم عن مدى علاقة تصفية هؤلاء الركاب الإيرانيين بجريمة اتهام نظام الملالي فيما أقدم عليه؟
* *
لا نستطيع الجزم بصحة هذا الاستنتاج، لكننا لا نستبعده، ونعتقد بأنه من الضروري أن يكون ضمن الاحتمالات غير المستبعدة لتفسير سبب تفجير الطائرة المدنية المنكوبة، وأن يُطرح في اجتماع اليوم الذي سيُعقد في طهران بحضور ممثلي الدول التي لها مواطنون، ولقوا حتفهم. فإيران يمكن أن تفعل هذا وما هو أكثر من الجرائم التي ارتبطت بهذا النظام منذ جاء الخميني من منفاه في باريس ليكون مرشدًا أعلى لإيران.
* *
والأهم في اجتماع اليوم: عدم حصر معالجة الجريمة، وطي صفحتها السوداء بمطالبة إيران بتعويض أُسر القتلى فقط؛ فهذا إن تم فإيران سوف تدفعه من المال العام (من مال الشعب)؛ وبالتالي كأن المجتمعين كما لو أنهم كانوا يريدون إنقاذها من المساءلة والعقوبة - وهي الأهم - التي يجب أن يتحملها النظام الإيراني دون إسقاط حق الضحايا في التعويض المالي. فالجريمة ارتُكبت عن عمد، وبقصد، وبتخطيط مسبق.
* *
إيران تغرق بالمشكلات، ولا ترعوي، وتسفه كل قرار أو موقف دولي يمس سياساتها وجرائمها.. فلماذا لا تكون هناك عقوبات أكثر وصارمة؛ حتى تغرق أكثر وأكثر؟ فجيرانها، ودول المنطقة، والعالم كله يتأذون من إرهابها، وتمردها على كل القوانين الدولية، بما لا حاجة لنا لتفسير ذلك؛ فالشواهد والمشاهد في اليمن والعراق ولبنان وسوريا وغيرها لا تحتاج إلى إيضاح وتذكير، وقد آن الأوان ليُقال لنظام الملالي «كفى عبثًا بأمن واستقرار العالم».