عبدالعزيز السماري
يتردَّد في أحاديث الناس موضوع تكرار الفشل والأزمة الإدارية في محيط أعمالهم، وحول كفاءة بعض الأشخاص في المناصب الإدارية؛ فكلمة السر للخروج من أزمة في قطاع ما يكمن في حُسن اختيار الإداري القيادي؛ لذلك نحن بحاجة نوعية إلى النظر من زاوية أخرى في سمات الإداري الناجح..?? تكمن المشكلة الأكبر في أن بعض القيادات الإدارية غير مؤهلين، وقد يفسِّر ذلك الآثار السلبية على أتباعهم ومرؤوسيهم؛ وهو ما يؤدي إلى مستويات منخفضة من المشاركة والثقة والإنتاجية، ومستويات عالية من الإرهاق والإجهاد.. وقد نصل إلى الإجابة بشكل سريع من خلال استفتاء بين الموظفين حول كفاءة المدير، وهل حقق نجاحات في مجال عمله، أم أنه أعاد إنتاج الفشل..?? تشير الأبحاث إلى أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية، تعيد إنتاج الفشل، أولها عدم القدرة على التمييز بين الثقة والكفاءة عبر الثقافات المتنوعة. وعادة يوجد تداخُل ضئيل جدًّا بين الثقة والكفاءة، وبين الطيبة والقدرة على النجاح؛ لذلك قد ينحاز القيادي إلى الطيبة والمعرفة، وهو يدرك أن ذلك ليس معيارًا للنجاح الإداري?? السبب الثاني هو حُبنا للأفراد الذين يتمتعون بالكاريزما، خاصة منذ انفجار وسائل التواصل الاجتماعي. ويبدو أننا نريد قادة يتمتعون بالسِّحر والتسلية، ولكن - كما يعلم الكثير - هناك فرق كبير بين الزعيم الفعّال وكونه كوميديًّا وجذابًا في حديثه، بينما في الواقع أفضل القادة هم متواضعون أكثر من كونهم موهوبين، لدرجة أنهم مملون للغاية?? السبب الثالث (الأخير) لصعود غير الأكفاء هو عدم قدرتنا على مقاومة جاذبية الأفراد بالرغم من عدم امتلاكهم السيرة الذاتية التي تكشف مدى قدرتهم على الإنتاج وعبور الأزمات إلى ساحات النجاح..?
باختصار: أفضل القادة هم الذين يتحكمون في نرجسيتهم وغرورهم، ويهتمون كثيرًا بالأشخاص الآخرين، ويشعرون دومًا بالقلق بشأن سمعتهم، ويعنيهم النجاح أكثر من أي شيء آخر، ولا توجد نحوهم جعجعة إعلامية أو صخب لتسويق الفشل.. ولكن كيف يمكننا منع الرجال غير الأكفاء من أن يتقلدوا المناصب الإدارية؟?? إذا كنا نريد تحسين أداء القيادات الإدارية في المجالات المتعددة يجب أن نركز على السمات الصحيحة للعمل والإنجاز بدلاً من السقوط في مصيدة النرجسية والكاريزمية، وعلينا تشجيع الناس من أجل إبراز الكفاءة والتواضع والنزاهة والنجاح الموثَّق..
تختلف القدرة على النجاح والإنجاز من شخص إلى آخر.. ولكي نميِّز تلك القدرات بين المرشحين لمنصب ما علينا التفتيش عن قصص النجاح في سيرهم الذاتية؛ فهناك مَن يملك ميزة العمل بصمت، ونقل الإنتاجية من مستوى إلى آخر، وهناك مَن لا يملك إلا تعزيز العلاقات الاجتماعية من أجل الاستمرار في منصبه..
ولهذا السبب يظل السؤال الأهم حول صاحب المنصب الإداري، وعما أنجزه خلال السنوات الماضية، وهل حقق بالفعل تغييرًا إيجابيًّا على الأرض أم اكتفى بالظهور الإعلامي وتوزيع أخباره على وسائل الإعلام؟..