د. خيرية السقاف
مكانان، أحدهما مغلق، والآخر مطلق،
السجن، والسوق، .. فيهما الإنسان بلا غطاء..
تعرف فيهما عن سلوكه، وأفعاله، وانفعالاته ما لا تعرفه عنه في غيرهما
وحالتان للإنسان يكون في إحداهما منفردًا مع نفسه، وفي الثانية مجتمعًا بغيره من الناس،
فيهما تطفو على السطح بواطنه..
الإنسان في المكانين، وفي الحالتين مكشوف عنه ستر التأدب، والتجميل، والتلميع، والتخلق بغير ما يكن، مهما حاول أن يخبئ صغائره، ويلمِّع ظاهره، ويرطِّب لسانه، ويبسط جبينه، ويدفئ كفَّه، وينشر بسمته، ويتكلَّف براءته!!..
فلا المكان المغلق حافظًا لدقائق طباعه، وسجاياه، ونواياه،
ولا الآخر المطلق مانعًا له عن ظهورها..
وفي المكانين ذاتهما، وفي الحالتين عينهما يكون المحك، محك الإنسان؛
سلبه وموجبه، ظلمته ونوره، جميله وقبيحه، خيره وشره، صدقه وكذبه، حقيقته وزيفه...
بلى، في أي مكان مطلق أو مغلق، وعلى أية حالة في عزلة، أو في جمعٍ؛
هنا يكون الإنسان بلا غطاء!!..