د.عبدالعزيز الجار الله
صورة أخرى من التنوع السعودي الذي يعبِّر عن رؤية السعودية 2030 التي لا تقتصر على البُعد الاقتصادي والاستثماري، إنما تحرك إلى فضاءات أخرى لم تكن مطروحة؛ لتفرض اليوم حضورها وواقعها. هي صورة أخرى من التنوع السياسي والجغرافي والثقافي، حين كان استقبال سمو ولي العهد - حفظه الله - لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي يزور المملكة هذه الأيام في مدينة العلا شمال غرب المملكة، التابعة لمنطقة المدينة المنورة، جنوب مدائن صالح.
والعلا من أقدم المدن الحضارية في تاريخ الجزيرة العربية، وعاشت حضارتها في عصور قديمة، أبرزها عصور الممالك العربية في فترة ما قبل الإسلام، وكانت ضمن حضارات عدة متجاورة البتراء في الأردن مملكة الأنباط، وتدمر في سوريا مملكة الحضارة التدمرية، والحضارة المصرية. وهي التقاء حضارات عرب الجزيرة العربية والشام ومصر وروما وبيزنطى.
وهي ضمن شبكة طرق قديمة (طرق الحج والتجارة قبل الإسلام) التي تمثلها (4) طرق، تعود لزمن الممالك العربية، و(7) طرق تعود للفترة الإسلامية، أبرزها طريق الحج والتجارة القديم، والإسلامي الذي يربط الشام والبحر الأبيض المتوسط بالحجاز والمدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة). وتمتد شبكة الطرق إلى هضبة نجد وجبال طويق، وتصل سواحل الخليج العربي، واليمن وبحر العرب والمحيط الهندي. شبكة طرق تجارية، تربط مدن الصحراء بمدن السواحل.
لقاء رئيس الوزراء الياباني في العلا هو وجه آخر لبلادنا؛ ليتعرف على جغرافية المكان الآسر بكثير من تنوُّع البيئة: سواحل البحر الأحمر ذات الخلجان الرائعة، مع التقاء جبال الحجاز بجبال مدين، وهضاب الحجاز بهضاب حسمي، وحرة عويرض وحرة الرحى، في تنوع طبوغرافي نادر بين كتل الجبال وتكوين الهضاب وتهامة الساحل وأرض ممر الحضارات. لقاء قيادات شابة متيقظة، تقود العمل السياسي والتنموي والرؤية المشتركة بين السعودية واليابان لعشر سنوات، كانت حصيلة سياسية وطبوغرافية وثقافية.