الأحواز العربية، إمارة عربية، تقع على ساحل الخليج العربي الشرقي، ولإلقاء الضوء على هذه البقعة الطيبة، من بلادنا العربية، حتى يكون هناك فهم لتاريخ هذه الإمارة، من قبل مواطني الدول العربية وهم كثر للأسف وخاصةً مواطني مجلس التعاون الخليجي، وأما الجامعة العربية للأسف فقد نسيت أو تناست تلك القضية المهمة، التي لها أهمية كبيرة جداً في المحافظة على مساحة وهوية هذه الإمارة العريقة، في التاريخ، حيث يعود تاريخها إلى العصور القديمة، وقد ورد ذكرها في التاريخ العربي، والإسلامي، كما في كتاب البداية والنهاية، وتاريخ الطبري، وأثار البلاد وأخبار العباد، وغيرها من الكتب الأخرى.
والأحواز معناها جمع كلمة حوز بمعنى الحياة، والتملّك، من الفعل حاز وهي كلمة متداولة بين أبناء الأحواز فيقولون هذا حوز فلان، ولقد سُكِنَتْ الأحواز، من قبل القبائل العربية قبل الإسلام، فهناك قبيلة أياد العراقية، وبنو أغاروربيعة، وبنو ثعلبة، وبكر، وبنو حنظلة، وبنو تميم، وبنو مالك، وبنو لغم، وتغلب، وبعد انتصار القادسية قام أبو موسى الأشعري بفتح الأحواز وظل هذا الإقليم تحت حكم الخلافة الإسلامية، تابعاً لولاية البصرة، إلى أيام الغزو المغولي، ثم نشأت الدولة المشعشية، واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها، ثم نشأت الدولة الكعبية، وحافظت على استقلالها، وبعد تأهل كفر دارون وإعادة فتحه للتجارة، وإنشاء سكة حديدية، مما جعل الأحواز نقطة تقاطع تجاري، كما أن شق قناة السويس في مصر زاد النشاط التجاري في المنطقة، حيث تم بناء مدينة ساحلية، قرب القرية القديمة للأحواز وسميت بندر الناصري، ثم حكمها الشيخ خزعل الكعبي الذي غيَّر اسمها إلى الناصرية.. هذه نبذة قصيرة عن الأحواز وبيان انتمائها الحقيقي العربي..
لكن بريطانيا أم الاستعمار في جميع بلدان العالم أصبحت تخشى من قوة الدولة الكعبية فاتفقت مع إيران على إقصاء أمير الأحواز وضم الإقليم إلى إيران، حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط، إلى إيران بعد اعتقال الأمير خزعل على ظهر طراد بريطاني، حيث أصبحت الأحواز وعاصمتها المحمَّرة، محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران، وأدى اكتشاف النفط في الأحواز وبالأخص في مدينة عبدان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى تكالب القوى للسيطرة عليها، بعد تفكك الدولة العثمانية، ومن ثم سميت الأهواز بعد سقوط الدولة الفاجارية إثر الاحتلال الروسي لإيران، وتولى رضا بهلوي الحكم في إيران، ولم ينفك النزاع قائماً على الأحواز بعد استقلال العراق، حيث دخلت الحكومات العراقية المتلاحقة، مفاوضات حول الإقليم وعقدت الاتفاقيات بهذا الصدد دخل الجيش الفارسي، إلى مدينة المحمرة في عام 1925م لإسقاطها واسقاط آخر الحكام الكعبيين، وهو خزعل بن جابر الكعبي وكان قائد القوات الفارسية رضاخان.. ويعد السبب الأصلي لاحتلال هذه المنطقة من قبل الفرس، إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية، النفط والغاز والأراضي الزراعية، الخصبة، حيث بها أكبر أنهار المنطقة، وهو نهر كارون، الذي يسقي سهلاً زراعياً خصباً تقع فيه منطقة الأحواز، فهو المنتج الرئيسي للمحاصيل الزراعية، حيث تساهم هذه المنطقة بنصف الناتج القومي الصافي للفرس وأكثر من80 % من قيمة الصادرات في دولة إيران في الوقت الحاضر.
سكان المحمرة وكافة منطقة الأحواز قبل الاحتلال كانوا عرباً، ومنذ الاحتلال وحتى هذه اللحظة يسعى المحتل، الفارسي إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز، وتغيير الأسماء العربية الأصيلة للمدن والبلدات والأنهار وغيرها من المواقع الجغرافية في منطقة الأحواز، بما في ذلك محاولة تغيير مسمى الخليج العربي، وأهم المدن العربية، في هذا الإقليم.
وعلى الرغم من أهمية هذا الإقليم الذي تحتله إيران والذي استفادت منه كثيراً لاسيما من الناحية الاقتصادية مارست الحكومة الإيرانية ضد أبناء هذه الأرض العربية، أنواع وأشكال الاضطهادات كعدم السماح لهم بالدراسة بلغتهم، وهجِّر كثير منهم إلى بلاد الفرس، ليحققوا سياسة التفريس ضدهم، وهجِّر كثير من الفرس إلى أراضي الفلاحين الأحواز لتؤسس فيها شركات للفرس المهاجرين، إلى الأحواز وشركة قصب السكر إحدى هذه الشركات، ومن لم يقبل ببيع أرضه للحكومة بسعر زهيد يهدد، ويسجن أو يقتل.
كما أن على الأحوازيين حظراً بالحديث بلغتهم العربية، أما النطق بالدوائر الحكومية والمصارف فمحظور نهائياً، ومن تكلم بلغته العربية هدد بالطرد من الوظيفة، وعدم ترقيته، ومحاسبته، وكذا منعهم من ارتداء اللباس العربي، في الأماكن الحكومية والشركات، كما أن المواطن الأحوازي لا يملك الحق في تسمية مولوده باللغة العربية.
هذا قليل من كثير من ما يمارسه هؤلاء الأعداء الفرس على إخوتنا العرب في إقليم الأحواز على مر التاريخ!
لكنني في نهاية مقالي المتواضع هذا أتساءل: أين المنظمات الدولية وحقوق الإنسان عمَّا يجري في إقليم الأحواز العربي؟
أين الجامعة العربية؟
أين الأمم المتحدة؟
أين الكتَّاب والمنصفون العرب وغير العرب مما يجري في الأحواز حتى الآن؟
أين القنوات الإخبارية والإعلام برمته من صحافة وتلفاز وغيرها من تسليط الضوء على هذا الإقليم المنسي؟
أين المحلِّلون المترززون المرتزقة من العرب الذين يقطنون دائماً في القنوات الطائفية؟ لقد آن الأوان لتبني قضية الأحواز من قبل الجميع وفكها من براثن الاستعمار الفارسي لتعود إلى شقيقاتها العربيات دولة عربية حرة مستقلة بإذن الله، وإننا لمنتظرون.
** **
d.salehalhamad@hotmail.com