قد نتفق مع مقولة المؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون من أن التاريخ ليس أكثر من تسجيل لجرائم البشرية وحماقاتها وكوارثها. ولعل أقرب مثال على تلك المقولة الحربان العالميتان الأولى والثانية؛ فلقد حصدت الملايين من البشر، ودمرت العديد من البلدان في مشهد مأساوي وكارثي، وما زالت آثارهما لا تغيب عن الذاكرة حتى وقتنا الحاضر.
إن التاريخ الحقيقي الجدير بالفخر هو الذي يمثل بُعدًا حضاريًّا، قام على البناء والعلوم والصناعة والآداب التي ترتقي بحياة البشر. ويمكن أن نقول إن الحضارة العربية الإسلامية أمدت العالم بالكثير من المعارف والعلوم، وتركت آثارًا ما زلت باقية إلى عصرنا هذا، والشاهد هو جوامع وقصور الأندلس الرائعة. لقد قامت حضارة إنسانية، شعَّ نورها على الغرب في ذلك الوقت. الغرب الذي راح يشكك في تاريخ تلك الحضارة عن طريق مستشرقين غير منصفين، وبعيدين عن النزاهة.