تَحصَّلَ التعليم في دولة فنلندا في عام 2015م على أفضل تعليم على مستوى دول العالم وفقاً لتقرير التنافسية العالمية.
وحَقَّقَ التعليم في دول فنلندا في عام 2018م المركز الثالث على مستوى دول العالم من حيث (Education Quality) جودة التعليم.
وخلال الفترة الزمنية منذ عام 1959م إلى عام 2013م شاركت دولة فنلندا في أولمبياد الرياضيات بمجمل 35 مشاركة, وتحصلت على ميدالية ذهبية وخمس ميداليات فضية وسبع وأربعين ميدالية برونزية.
لذلك..
تبادر في ذهني أن أبحث وأقرأ في مراجع لنظام التعليم في دول فنلندا لكي أستفيد منها, وبعد أن قرأتها.. أحببتُ أن أُشارككم بعضاً من أهم سمات نظام التعليم في دولة فنلندا لكي تعُمَّ الفائدة على أكبر قدر ممكن من أفراد المجتمع, وهي كما يأتي:
أولاً- تُقسم مراحل التعليم إلى:
أ- مرحلة رياض الأطفال (من عُمر قبل ست سنوات). ويُدرِّس بها معلمو رياض أطفال لديهم شهادة بكالوريوس.
ب- مرحلة ما قبل المدرسة (من عُمر ست سنوات), ويُدرِّس بها معلمو رياض أطفال لديهم شهادة بكالوريوس, أو معلمو مرحلة ابتدائية لديهم شهادة ماجستير.
ج- مرحلة المدرسة الشاملة والتعليم الأساسي, وتنقسم إلى مرحلتين هما:
المرحلة الابتدائية (من عُمر 7 سنوات إلى عُمر 12 سنة) ويُدرِّس بها معلمو مرحلة ابتدائية لديهم شهادة ماجستير.
المرحلة الثانوية الدنيا (من عُمر 13 سنة إلى عُمر 15 سنة) ويُدرِّس بها معلمو مواد لديهم شهادة ماجستير.
د- المرحلة الثانوية, وتنقسم إلى قسمين هما:
مرحلة الثانوية العليا (من عُمر 16 سنة إلى عُمر 18 سنة) ويُدرِّس بها معلمو مواد لديهم شهادة ماجستير.
مرحلة الثانوية المهنية (من عُمر 16 سنة إلى عُمر 18 سنة) ويُدرِّس بها معلمو مواد لديهم شهادة ماجستير, ومعلمون مهنيون لديهم شهادة بكالوريوس.
هـ- مرحلة الجامعة والكليات متعددة الفنون (من عُمر 19 سنة إلى عُمر 24 سنة) ويُدرِّس بها من لديه درجة علمية عالية, مثل: أستاذ جامعي (بشهادة دكتوراه), ومحاضر (بشهادة ماجستير).
ثانياً- يُشترط بمن يرغب في مزاولة مهنة التدريس في (المدرسة الشاملة, والتعليم الأساسي, والمرحلة الثانوية) أن يتحصل على شهادة الماجستير, أما فيما يخُص مرحلة رياض الأطفال فيدرسهم معلمو رياض أطفال بشهادة بكالوريوس.
ثالثاً- يتم إعداد معلمين لمهنة قائمة على البحوث ليُستفاد من المعلمين في تخطيط المناهج الدراسية, وتقويم نتائج التعليم, وإدارة عملية التحسين المدرسي, وتشخيص المشكلات ووضع حلول مناسبة لها..إلخ.
رابعاً- للمعلم ساعات عمل أقل وراحة أكثر, فنصاب المعلم في اليوم 4 ساعات, وفي الأسبوع 20 ساعة, ونصف هذا الوقت يقوم المعلم بأمور عدة منها: (إعداد مناهج دراسية, تقييم الطلاب, تطوير إستراتيجيات جديدة للتعلم.. إلخ).
خامساً- تبنت فنلندا مبدأ (المعلمون قادة)، فهم من يضعون المناهج الدراسية مع مديري المدارس, وهم من يضعون اختبارات الطلاب والذي يُستند عليه لتقويم تعلم الطلاب، وهذا مما يعزز الثقة بين وزارة التعليم والمعلمين, بعكس بعض الدول التي تعتمد على اختبارات موحدة للطلاب على مستوى الدولة.
سادساً- لدى المعلمين في فنلندا وعي بأهمية التنمية المهنية (التدريب), ففي عام 2013م التحق 80 % من المعلمين ببرامج تدريبية بمعدل سبعة أيام عمل سنوياً (أي بمعدل 50 ساعة تدريبية تقريباً) والتي تهدف إلى تزويد المعلمين بأهم المستجدات في العملية التعليمية مما ينمي حصيلتهم المعرفية, ويغير في اتجاهاتهم وقناعاتهم نحو الأفضل, ويكسبهم مهارات جديدة.
سابعاً- يحظى المعلمون في فنلندا بمكانة اجتماعية رفيعة لأسباب عدة منها: أنَّ وزارة التعليم تدعم المعلمين، لذلك تبنت الوزارة مبدأ (المعلمون قادة), كما أنَّ الأسر تثق في المعلمين لأنهم يعون جيداً ماذا يُقدِّم المعلمون لأبنائهم الطلاب والطالبات.
ثامناً- لم يتم الاعتماد على إصلاحات في تعليم فنلندا بقدر التركيز على قيادات تربوية مستدامة مكنت المدارس والمعلمين من تطوير عمليتي التعليم والتعلم.
تاسعاً- يتراوح عدد الطلاب في الفصول من 15 إلى 25 طالبًا كأقصى حد, وفي عام 2014م تميزت 23 % من مدارس دولة فنلندا بقلة إجمالي عدد طلابها حيث يبلغ عدد طلاب كل مدرسة 50 طالباً متوزعين على فصول دراسية عدة, مما يُسهل على المعلم التنوع في إستراتيجيات التعلم وإعطاء كل طالب حقه من الاهتمام والتعليم, كما يُتيح للطلاب تعلم أفضل ومستوى تحصيل دراسي متفوق.
عاشراً- لتعزيز المساواة في نواتج التعلم اعتمدت فنلندا في مناهجها الدراسية على التوازن في الطرح بما يخدم عملية الذكاءات المتعددة عند الطلاب.
الحادي عشر- تبنت فنلندا مبدأ أنَّ جميع الأطفال لديهم القدرة على التعلم.
الثاني عشر- تعتمد فنلندا على طريقة التعلم بالمرح واللعب مع الأطفال, لذلك لديهم مثل يقول: (الأشياء التي نتعلمها من غير مرح ننساها بسهولة).
الثالث عشر- يتيح التعليم الأساسي فرصاً تعليمية متساوية لجميع الأطفال.
الرابع عشر- تقدم المدرسة الابتدائية أساساً متيناً لنظام تعليم عالي الجودة.
الخامس عشر- تفعيل التقنية في التعليم تماشياً مع عصر التقنية والتكنولوجيا الذي أفاد البشرية في مجالات عدة, فيتم توزيع أجهزة إلكترونية على الطلاب بها مجموعة من الألعاب والتمارين التي من شأنها إكساب الطالب مهارات تعليمية محددة.
السادس عشر- يتم توزيع المال على المدارس بالتساوي لحدٍ كبير, لأن فنلندا تعتمد على المساواة بين المدارس وبين الطلاب.
السابع عشر- الاهتمام بإنشاء بيئة مدرسية جاذبة للطلاب والمعلمين, من حيث: تجهيز الفصول الدراسية بالأدوات والأجهزة اللازمة لإتمام التعليم, وتناسق الألوان, والتشجير, والإضاءة الداخلية المعتمدة على ضوء الشمس, وتوفير كراسٍ مريحة للجلوس في الفناء الداخلي.. إلخ.
الثامن عشر- تُقدر نسبة الطلاب من خريجي المرحلة الثانوية العليا والمقبولين في الجامعات 93 %, مما جعل دولة فنلندا تتفوق على دولة الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 17.5 %.
لذلك..
ما تم ذكره آنفاً يمنحنا إجابة واضحة على سؤالنا هذا (لماذا يُعد نظام التعليم في دول فنلندا متميزاً في جودته مما جعله يحتل مراتب عُليا على مستوى دول العالم؟).
ختاماً..
آمل من معالي وزير التعليم د. حمد آل الشيخ أن يقرأ هذا المقال الصحفي ويُطبق ولو بعضاً من هذه السمات في تعليمنا بالمملكة العربية السعودية لكي نرتقي بتعليمنا كما هو مأمول منه, خصوصاً وأن التعليم لدينا يحظى بدعمٍ كبير من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله ورعاهما-, كما أننا نمتلك جميع المقومات (البشرية, والمادية, والمعنوية) التي من شأنها أن تنهض بالتعليم لتنمية الوطن وجعل اسمه خالداً بين الدول المتقدمة على مستوى العالم.