خالد بن حمد المالك
الوضع في إيران يزداد سوءًا يومًا بعد آخر، ومرشح إلى ما هو أسوأ، ما بقي النظام الإيراني الظلامي لا يُصغي للناصحين، ولا يُلقي بالاً لصوت الشعب الإيراني الهادر، ويقبل لنفسه بأن يمارس العدوان على غيره من الدول والشعوب، ويتصرف بغباء وعن جهل في التعامل مع التحديات التي تواجهها البلاد.
* *
فهذا النظام إلى السقوط أقرب، وإلى الانهيار أسرع، وكأنه يحفر قبره بنفسه، دون أن يتعلم من تداعيات أخطائه، ضاربًا بعرض الحائط مواقف كلِّ مَن يخالف أجندته، أو يفكر بالتصدي لسياساته.. وهو ما لا يفعله في حماقة وتهور وانتحار غير هذا النظام الإيراني البائس؛ بما جعله وحيدًا ومنبوذًا، ويواجه مصيره الكارثي الذي لن يطول.
* *
قيل قديمًا (مصائب قوم عند قوم فوائد). وهذا ينطبق على نظام ولاية الفقيه، وتصرفات المرشد الإيراني، وحماقات الحرس الثوري؛ فبينما يستمر حصار إيران، وتوالي العقوبات عليها، ها هي الآن في وضع أسوأ مما كان؛ فقد خرقت الأعراف الدولية بإلقائها القبض على السفير البريطاني بحجة مشاركته مع المتظاهرين، وهو ما يكذِّبه وينكره السفير، مخالفة بذلك كل القوانين والأعراف الدولية. ولهذا التصرف الأحمق تداعياته لغير صالح النظام. وقد اعترفت طهران - أخيرًا - بأنها مَن أسقطت الطائرة المدنية، وقتلت أكثر من مائة وثمانين بريئًا، بينهم أكثر من ثمانين مواطنًا إيرانيًّا، ربما كانوا معارضين للنظام. ولهذه الجريمة تداعياتها هي الأخرى في كشف المستور عن جرائمها.
* *
وهناك المظاهرات الداخلية التي تتوسع؛ لتشمل عددًا من المدن الإيرانية، وبأعداد تتكاثر، ومنها يعلو صوت الشعب الغاضب، بموقف جماعي موحد، يرفض استمرار مرشد الدولة خامنئي في التصرف بشؤون البلاد، مطالبين إياه بالتنحي نزولاً عند إرادة الشعب، مع تمزيق الصور التي تجمعه مع المجرم قاسم سليماني. ولهذه الثورة الشعبية دلالاتها وتداعياتها على مستقبل النظام الإيراني - بما في ذلك الحرس الثوري - حيث تبشِّر مثل هذه الأحداث بما هو مُتوقع ومنتظَر.
* *
فإذا كانت هذه بعض (مصائب) نظام إيران، فإن (فوائد) المواطنين الإيرانيين وغير الإيرانيين كثيرة ومهمة، وتجعلنا على موعد قادم مع إعلان إتمام تنظيف إيران من القتلة والمجرمين، كما قُتل قاسم سليماني، وتخليص العالم من المؤامرات والإرهاب؛ إذ إن إيران في أضعف حالاتها الآن كما كشفتها الأحداث الأخيرة. وكما أن هذه (مصائب) على النظام الإيراني، فهي (فوائد) وبداية ليتنفس الشعب الإيراني نسيم الحرية، ويتمتع كغيره من الشعوب بالعيش الكريم في دولة مستقرة.
* *
إيران في وضع اقتصادي بائس، الشعب يثور من الجوع، ويتظاهر بالشوارع بحثًا عن الحرية، ولقمة العيش، والأمان، ويُقتل منه مَن يُقتل، ويُصاب مَن يُصاب، لكنه لا يتراجع ولا ينهزم، ومثلما أسقط الشاه عن عرشه بمظاهرات حاشدة آنذاك، فإنه يرفض أن يخلي الشوارع قبل أن يصل إلى أهدافه في إقصاء نظام الملالي، وتقديمهم للعدالة، والاقتصاص منهم على كل نقطة دم سالت، وكل شهيد قُتل، وكل مصاب تعرَّض للعدوان، سواء في إيران، أو في الدول الأخرى.
* *
فإيران مرتبكة تمامًا؛ فلم تعد تفرِّق بين طائرة مدنية بحجمها الكبير وبين صاروخ بحجم صغير وُجِّه لإسقاطها.. ومن مزاعمها أنها كانت تعتقد عند تفجير الطائرة أنها صاروخ معادٍ! وهي بأكاذيبها تعتقد أنها تستطيع أن تمارس الخداع والتضليل، والتهرب من المسؤولية، لكنها أمام المعلومات التي لم تخطر على البال، وبعد أن انهالت عليها الحقائق والمعلومات من الدول الأخرى، لم يكن أمامها بدٌّ من التسليم والاعتراف بما حدث من جُرم كبير.
* *
ولعل من (فوائد) كل هذه (المصائب) التي وقع فيها نظام إيران ليس أن يعيد هذا النظام النظر في سياساته، وإنما هي قد ألهبت حماس الشعب الإيراني للتخلص من هذا النظام المتخلف، مدعومًا بتعاطف وتأييد العالم الحر الذي يشعر بمرارة أمام العذاب الذي يعاني منه المواطن الإيراني؛ بما اضطره لأن يشعل فتيل الثورة، ويعرِّض حياته للخطر كلما قام بالاعتراض والاحتجاج بحثًا عن حقه في وطن مزدهر، يُحكَم بالعدل والقانون، ويدير شؤونَه الأكفاءُ من المواطنين، لا المجرمون القتلة.