عبد الله باخشوين
مفهوم (صراع الأجيال) انتهى إلى غير رجعة.
كانت مؤشراته (السطحية) تبرز داخل الأسرة الواحدة كنوع من (التقليد) الذي يجد بعض المعارضة والامتعاض: -تطويل شعر.. تعليق سلاسل.. ملابس غريبة.. أغاني أكثر غرابة.. بنطلونات قصيرة.. قيادة السيارة باسترخاء سقيم... وما إلى ذلك من سلوكيات تثير حنق الآباء والأمهات.. وتستوجب توجيه نقد قاسٍ لا يجد من يستمع إليه أو يلتفت له.. بل وكثيراً ما تسمع من يرد عليك قائلا:
- يا بويا الله يخليك.. أنت فين عايش.. روح شوف الناس ايش تسوي وبعدين اتكلم.. لا تصير (دقة قديمة)؟!
أما في بقية شؤون الحياة العامة.. فسوف تجد صراعاً أكثر حدة.. في تباين الأفكار والمعتقدات وأساليب الطرح والتداول.. وتشكل وإعادة تشكل القناعات والمفاهيم.. وفي الأدب كاد يصل الأمر (ضد الشعر الحر).. إلى ما يشبه التكفير.. والاتهام بمحاباة الشيوعية والإلحاد.. وحاول البعض الوصول لولاة الأمر في سعيه لمنع هذه (الطرهات) التي لعبت بعقول الشباب.. وكان لشيخنا الكبير والملهم (أبو عبدالرحمن بن عقيل) دور هام جدا في الدفاع عن الشباب والشعر الذي يقلدونه.. ويتخذون منه أداة للتعبير.
بمعنى آخر كان بعض دعاة (التقليدية) يريدون تكميم الأفواه ومنع الشباب من اتباع أي جديد لا يناسب (هواهم).
غير أن شرط أو قاعدة (الصراع) زالت ولم يعد لها وجود.. فلم يعد الأمر (قديم وجديد).. ولم يعد قواعد تقليدية يتم (كسرها) عقوقاً.. ويصبح التمرد عليها (شذوذًا) عن القاعدة التي تعامل البعض معها بنوع من (التقديس).
أصبح الوضع غير القابل للصراع (حوله) أكبر وأخطر من ذلك بكثير جداً.. لأن مصدره كل الكون الذي يدور الإنسان في فلكه.
تجلت ظواهره الأولى لدى الآباء (الأميين) مثلي في اللجوء لأبنائهم وبناتهم (الصغار).. لـ(يبرمجوا) لهم (الجوال).. لأن (الكبار) ليس لديهم وقت للقيام بمثل هذا العمل (التافه).
وبعدين يابو الحبايب.. دخل (النت) وقلنا نتعلم (كمبيوتر).. وعدنا للصغار.. وتعال يا واد .. تعالي يا بنت فهمني ايش أسوي.. و... ما في أحد فاضي... طيب بس تعالوا رجعوا اللي كان.. اصباعي جا على (أزرار) ومسح كل شي.
ويعلم الله أن الذي أنقذنا من (دكتاتورية) عيالنا الصغار هو تطور جهاز (الجوال) وانتقال كل التقنيات إليه وسهولة استخدامه ومن فين يجينا (صراع الأجيال)؟!
اللي يبغى (يمثل) صار ممثل واللي نفسه يتصور صار يقدر يصور كل شيء وأي شيء واللي عنده كلام.. كان متاح للكتاب وأصحاب الرأي وما إلى ذلك من (خزعبلات) الصحافة.. صار يقدر يقول رأيه في أي شيء وفي كل شيء واللي يبغى يسوي قناة خاصة تتابع أخباره (شخصياً).. سواها واللي يبغى يسترزق ويزيد غيظ زميلنا الحبيب فهد بن جليد.. سواها وما همه أحد طيب يا عمنا باخشوين من فين تبغى صراع الأجيال يجي.. وانته لا عندك قاسم حداد ولا حتى فوزية أبوخالد.
كل الحراس و(الزمازمة) والمطوفين مشغولين بمواسمهم.
(الزمازمة) انتهوا وصاروا من الماضي.. والطوافة شغالة..
والشعر انتهى وما أحد يقدر يحتج ولا يعترض..؟!
ظرف تاريخي حاسم وكاسر.. لا يمكن إيقافه أو الحد من اندفاعه..؟! وجيل جديد تصدر الساحة دون منافس أو معيق جيل موهوب... يريد أن يأخذ موقعه المؤهل له.. يأخذه ونحن نرى ونشجع ونؤازر.. لأنه يمثل أملنا ومستقبل بلادنا متوجاً بزين شباب العالم ولي العهد محمد بن سلمان الذي أخذ على عاتقه مهمة تذليل الصعاب وإزالة كل العقبات التي تعترض وعد شباب بلادنا بمستقبل مشرق قريب.