عمرو أبوالعطا
تمكنت القوات الأمريكية من قتل رجل الإرهاب الأول في العالم الإيراني قاسم سليماني في كمين ناجح، وهو في طريقه للخروج من مطار بغداد قادماً من سوريا، حيث يقود العمليات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن، ويدعم حزب الله الإرهابي في لبنان، وتعد هذه الضربة من بين أكثر النجاحات التي حققتها الولايات المتحدة الأمريكية للقضاء على الإرهاب، ومن قبل تمكنت فرقة العمليات الأولى في الجيش الأمريكي المعروفة باسم «دلتا فورس» من قتل متزعم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، بعد عملية إنزال نفذتها يوم السبت 27 أكتوبر الماضي قرب بلدة «باريشا» بريف إدلب الشمالي، وبدأت العملية التي تعد هي الأولى من نوعها في محافظة إدلب شمال غربي سوريا بتحليق 8 طائرات مروحية تابعة للتحالف الدولي على علو منخفض في أجواء ريف إدلب الشمالي، تلاها بنصف ساعة تنفيذ جنود أمريكيين عملية إنزال استهدفت منزلاً على أطراف «باريشا»، كان «البغدادي» مختبئاً داخله. وبعد اشتباك وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ»المحدود» تمكنت القوة المهاجمة من حصار «البغدادي» في نفق مغلق اضطر على إثر ذلك إلى تفجير نفسه بسترة ناسفة كان يرتديها أودت بحياته إلى جانب ثلاثة من أطفاله، إضافةً إلى قتل زوجتيه وعدد من قيادات التنظيم المقربين إليه بينهم المسؤول الأمني الخاص به.
ولد البغدادي في مدينة سامراء شمالي بغداد عام 1971م، وفي فبراير 2004 اعتقلت القوات الأمريكية البغدادي في مدينة الفلوجة، وأرسلته إلى معسكر الاعتقال في سجن «بوكا» حيث ظل هناك عشرة أشهر. وخلال تلك الفترة، كرَّس البغدادي نفسه للأمور الدينية، إذ إنه كان يؤم المعتقلين في الصلاة، ويلقي خطبة الجمعة، ويُنظم دروساً دينية للسجناء، شكّل البغدادي تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم بعد الإفراج عنه في ديسمبر عام 2004. وبعد إطلاق سراحه اتصل البغدادي بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة في العراق، فرع القاعدة المحلي الذي كان يقوده الأردني أبو مصعب الزرقاوي، وعُين البغدادي رئيسًا للجنة الشريعة، واختير عضواً في مجلس الشورى للتنظيم، الذي يضم 11 عضواً ويقدم المشورة لأمير التنظيم آنذاك أبوعمر البغدادي، بعد مقتل مؤسس تنظيم القاعدة في العراق وأميرها في أبريل/ نيسان عام 2010، اختار مجلس الشورى أبوبكر البغدادي أميراً جديداً، في عام 2012، أصدر البغدادي أوامره لأحد النشطاء التابعين له في سوريا ليؤسس سراً فرعاً لتنظيم القاعدة في سوريا عُرف لاحقاً باسم «جبهة النصرة» ظهرت خلافات سريعاً بين البغدادي وزعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، وفي ربيع عام 2013 أعلن البغدادي أن النصرة هي جزء من تنظيم داعش في العراق، وأطلق عليه اسم «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» واختصارها «داعش»، في منتصف عام 2014، نصّب البغدادي نفسه كـ»خليفة»، وذلك بعدما ألقى خطبة في جامع النوري الكبير في العراق، بعد سيطرة تنظيم «داعش» على مدينة الموصل.
بالنسبة إلى الولايات المتحدة، تمثل النهاية الدرامية لرأس تنظيم داعش انتصاراً معنوياً مهماً بعد سنوات من ملاحقة البغدادي والإعلانات غير المؤكدة عن مقتله في ضربات سابقة على مدى السنوات القليلة الماضية، وعلى الرغم من إعلان الرئيس ترمب هزيمة داعش بعد استعادة مدينة الباغوز السورية على الحدود مع العراق والتي كانت تعد آخر معاقل التنظيم الإرهابي، إلا أن مقتل البغدادي في هذا التوقيت، سيمنح الرئيس الأمريكي فرصة ذهبية لتأكيد عدم تخليه عن ملاحقة تنظيم داعش وقياداته عقب قراره سحب أغلبية القوات الأمريكية من سوريا، وهو القرار الذي فتح الباب أمام حملة انتقادات واسعة ضد الرئيس من قبل الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، ما جعل وزارة الدفاع الأمريكية تسارع إلى إعداد خطط جديدة تحافظ على وجود عدد من القوات الأمريكية فوق الأراضي السورية واستمرار حملة الولايات المتحدة ضد داعش التي يُخشى من عودة عناصرها إلى التجمع والتنسيق واستعادة قدرتها على شن هجمات جديدة في شمال شرقي سوريا عقب الغزو التركي.
أطلق اسم «كايلا مولر» على عملية قتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو بكر البغدادي، وكايلا مولر هي شابة أمريكية خطفها هذا التنظيم المتطرف واحتجزها رهينة، وأعرب والدا الرهينة الأمريكية كايلا مولر التي قتلت في مطلع فبراير 2015 لوسائل الإعلام الأمريكية عن بالغ تأثرهما بعد أن علما أن العملية التي نفذتها قوات أمريكية خاصة وقتل فيها أبو بكر البغدادي قد حملت اسم الشابة التي كانت تعمل في المجال الإنساني في سوريا حيث خطفت في 2013.