خالد بن حمد المالك
لم تكن إيران لتعترف بأنها وراء تفجير الطائرة المدنية التابعة لأوكرانيا، وقتل العشرات من الأبرياء من جنسيات مختلفة؛ فقد أنكرت أي استهداف للطائرة المنكوبة، سواء بالخطأ، أو أنها دبرت الجريمة بليل. وللتضليل، وإخفاء الحقيقة، فقد سارعت إلى تنظيف موقع سقوط الطائرة منفردةً دون مشاركة من أي جهة أخرى، خاصة أنه كان من بين القتلى البالغ عددهم (176) مواطنون من جنسيات مختلفة.
* *
ولاستباق السماح لجهات أخرى غير إيرانية بالتعرف على أسباب هذه الجريمة فقد سارعت الدولة المعتدية (إيران) إلى إعلان تلف الصندوق الأسود بعد فتحه دون حضور أو مشاركة جهات محايدة، أو من الدولة التي تعود ملكية الطائرة لها، أو من الدول التي كان القتلى من مواطنيها. وزادت على ذلك بتكذيب كل الروايات الحقيقية التي تؤكد بالدليل القاطع أن صاروخًا إيرانيًّا أصاب الطائرة، وتسبَّب بهذه الكارثة، مع ظهور مرتبك ومتكرر لرئيس الطيران الإيراني، يؤكد فيه أن التحقيقات تجري لمعرفة سبب سقوط الطائرة، مع تأكيده أنها لم تسقط بصاروخ كما تجمع على ذلك كل الروايات غير الإيرانية.
* *
وبين إنكار إيران، وتأكيدات عدد من الدول أن وراء تفجير الطائرة المدنية المنكوبة صاروخًا إيرانيًّا، والمطالبة بالتحقيق الشفاف، وإشراك دول معنية بالحادث، لم يكن أمام إيران إلا الاعتراف بالحقيقة الدامغة باستهدافها الطائرة، وإن ادعت أنه استهداف غير مقصود، ونسبت هذه الجريمة إلى الخطأ غير المقصود. فكيف حدث هذا الخطأ؟ وإلى أين كان هذا الصاروخ متجهًا؟ وإلى أي هدف، طالما أنه في اتجاه معاكس للأهداف الأمريكية التي كانت تهدد بقصفها؟!
* *
هل يكفي الاعتذار والتعويض المادي لأُسر الضحايا عن محاسبة المجرمين القتلة في إيران؟ وأين العدالة الدولية من الاقتصاص لدم القتلى؟ وهل هذا التفجير وقتل الأبرياء هو الانتقام الإيراني لمقتل المجرم قاسم سليماني، كما هو الانتقام بهذا العدد الكبير من القتلى والجرحى الإيرانيين الذين بلغ عددهم المئات أثناء تشييعه بحجة أن سبب ذلك التدافع بين المشيعين، بينما لم يمس أمريكا سوى ملامسة الصواريخ الإيرانية أجزاءً من مباني القواعد الأمريكية دون إحداث أي ضرر فيها، أو إصابة أي جندي داخلها؟!
* *
هذه هي إيران: عنتريات، وضجيج إعلامي، وتهديد، ووعيد.. والنتيجة: خضوع لقرارات أمريكا، وقبول بمقتل المجرم قاسم سليماني، واستسلام للأمر الواقع، مع استمرار تبني الإرهاب، وإيذاء الآخرين اعتمادًا على الوكلاء من عملائها في أكثر من دولة. وما لم يستمر الضغط عليها، وتتواصل العمليات العسكرية ضدها لإنهاء حياة الدمويين الإيرانيين الذين يقودون زعزعة الاستقرار في العالم، فسوف تواصل إيران جرائمها؛ فقاسم سليماني لم يمت وهناك شبكة واسعة من المجرمين على رأس السلطة في إيران، سيواصلون مسيرتهم الإجرامية.