د. محمد عبدالله الخازم
دأب د. تيسير عبدالله على نشر إحصائيات بحثية بشكل دوري حول عدد الأبحاث المنشورة للجامعات السعودية معتمدًا على قواعد بيانات بحثية، مثل (web of sciences- ISI). ولأنه لم يحدث أن اعترضت على تلك الإحصائيات أية جامعة سعودية أو جهة بحثية، كوكالة وزارة التعليم للبحوث، أو مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، رغم تكرارها، فهذا يعني أنها مصدر موثوق، يمكننا استخدامه لقياس إنتاجية البحث السعودي في الجامعات السعودية، ولو بشكل مقارب أو دلالي فقط. إضافة إلى ذلك، ولغرض القياس، نستخدم البيانات المنشورة بموقع وزارة التعليم حول أعداد الأساتذة والطلاب بالجامعات السعودية.
فلنبدأ بأمثلة لبعض الجامعات السعودية الكبرى: «عدد البحوث المسجلة باسم جامعة الملك سعود لعام 2019 يبلغ 3786 بحثًا، بينما عدد أعضاء هيئة التدريس لعام 2018 (آخر إحصائية بموقع الوزارة) بلغ 7211 عضوًا، يضاف لهم 8151 طالبًا وطالبة في الدراسات العليا». طلبة الدراسات العليا باحثون، يسهمون في النشر في الجامعات المتقدمة. أي إن ثلث أعضاء هيئة التدريس فقط ينشرون أوراقًا علمية. أو بمعنى آخر: عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود يقضي ثلاث سنوات تقريبًا لينتج ورقة علمية واحدة، مع اعتبار طلاب الدراسات العليا لا ينشرون أبحاثًا!
«بحوث جامعة الملك عبدالعزيز تبلغ 3534 بحثًا، وأعضاء هيئة التدريس 7382 عضوًا، وطلاب الدراسات العليا 6183 طالبًا وطالبة». إي إن الوضع مثل جامعة سعود وأسوأ!
«بحوث جامعة الملك فيصل 392 بحثًا، ينشرها 2016 عضو هيئة تدريس و2839 طالب دراسات عليا». وهذا يعني أن عضو هيئة التدريس يقضي أربع أو خمس سنوات دون أن ينجز بحثًا واحدًا مسجلاً في قواعد البيانات المشار إليها.
«بحوث جامعة القصيم بلغ 494 بحثًا، ينتجها 4174 عضو هيئة تدريس و2428 طالب دراسات عليا». وهذا يعني أن هناك أساتذة بهذه الجامعة قد يقضون عشر سنوات دون نشر بحث علمي واحد.
وضع البحث العلمي في جامعات حكومية أخرى، وفي الأهلية، ليس بأحسن حالاً (جامعتا الملك فهد والملك عبدالله خارج منظومة وزارة التعليم)، ولكن المساحة لا تتيح مزيدًا من الأمثلة.
بعيدًا عن نقد نوعية البحث، هناك خلل في الكم، يحتاج إلى دراسة، ويستوجب طرح الأسئلة التي قد تساعدنا في فهم الأمر؛ باعتبار النشر مقياسًا: لماذا يتدنى البحث في الجامعات السعودية؟ ما الذي يشغل أعضاء هيئة التدريس عن بذل مزيد من الجهد في البحث العلمي رغم إدراكهم أنه أساس ترقيتهم الأكاديمية، وأنهم قضوا سنوات في تعلمه عن طريق الدراسات العليا؟ هل هو تدني كفاءة عضو هيئة التدريس كباحث؟ هل هو تواضع الدعم للبحث العلمي؟ أم إشغال عضو هيئة التدريس بمهام أخرى؟ هل هو عدم قناعة بأهمية البحث؟ هل نحن بحاجة إلى إعادة تصنيف وتعريف مهام عضو هيئة التدريس، بشكل يناسب قدراته ومهامه غير البحثية؟ كيف صُنفت جامعاتنا عالميًّا بهذه الإنتاجية المتدنية بحثيًّا، وجل التصنيفات تمنح وزنًا عاليًا للإنتاج العلمي؟
الأسئلة سهل إلقاؤها. نحتاج إلى الاعتراف بوجود المشكلة، ومن ثم التشخيص والبحث عن حلول مناسبة لهذا القصور لدى جامعاتنا وأساتذتها الكرام!