محمد سليمان العنقري
ماذا أفعل؟ قد يكون هو أكثر الأسئلة الشائعة لدى مَن يبحث عن العوامل التي تدعم قراره بالاستثمار من عدمه، سواء في أسواق المال أو الاقتصاد الحقيقي؛ فجودة القرار هو ما يبحث عنه المستثمر في نهاية المطاف، الذي يُبنى على عوامل عديدة، لا بد من أخذها جميعًا بعين الاعتبار حتى تتوافر عوامل نجاح الاستثمار.
فقد يُنظر إلى دراسة الجدوى الاقتصادية كأساس في القرار الصائب للاستثمار، وهي بالتأكيد عاملٌ رئيسي، لا يمكن إغفاله، كما أن الاستثمار بأسواق المال يُبنى على عوامل عديدة، أهمها التحليل الأساسي، ثم المالي والفني. ولكل تحليل دور ونسبة من اتخاذ القرار؛ فالعامل الأساسي يشمل الاستقرار الاقتصادي والأمني للدول، إضافة إلى وضوح وتطور الأنظمة التشريعية والتنظيمية التي تضمن حقوق كل الأطراف، إضافة إلى الحوكمة والبيئة الاقتصادية عمومًا. أما العوامل الأخرى فهي تكشف عن أفضل الفرص للاستثمار، ومستوى الأسعار المناسب للاستثمار. فالعوامل التي تساعد على اتخاذ القرار الصحيح بالاستثمار تكاد تكون معروفة للجميع.
لكن في المقابل فإن ما قد يمثل عاملاً سلبيًّا بجودة القرار هو عدم لجوء المستثمرين للعوامل الممكنة للقرار الجيد؛ فبالرغم من معرفة الغالبية بضرورة القيام بالدراسات المناسبة لكل استثمار من قِبل المختصين، أو التعامل من خلال المؤسسات المالية المتخصصة، واختيار المنتج المناسب، إلا أن بعض المستثمرين الأفراد يعتمد في قراره على عوامل هشة وضعيفة، وقد تكون مجرد إشاعات، أو الدخول بأعمال لا يمتلك أي خبرة فيها؛ ولذلك فإن تعرُّضه للخسائر تصبح نسبته كبيرة؛ ولذلك فإن تعرُّض الأفراد من الذين لا يمتلكون خبرة في المجال الذي يتجهون للاستثمار فيه لخسائر يُعد عاليًا، وهو سمة عالمية، وليس محصورًا بدول متقدمة أو ناشئة.
أما العامل السلبي الآخر فهو أن تكون دور الاستشارات الاقتصادية أو المؤسسات المالية ذات محدودية في إمكانياتها، وضَعْف في استقطاب خبرات حقيقية ذات تجارب ناجحة ونفذت الكثير من الدراسات الناجحة، أو مؤسسات لا تدير الأصول بنجاح مشهود له، ولديها منتجات لا تلبي احتياجات السواد الأعظم من المستثمرين.. فالوصول للمهنية العالية يتطلب استثمارًا واسعًا في التعليم والتأهيل بالتخصصات المالية والاقتصادية، وأن تستمر الجهات التي توظف هذه الكوادر في تطوير مهاراتهم محليًّا وخارجيًّا، وهو ما يمكن إدراجه تحت تطوير القطاع المالي بصفة عامة. جودة القرار تكاد تكون السهل الممتنع؛ فالاستثمار يبدو أمرًا سهلاً، وخصوصًا للأفراد، وتحكم غالبيتهم النظرة العاطفية، ويتداولون قصص النجاح فقط، لكن لا ينظرون للتحديات الكبيرة والحقيقية التي ستواجههم إلا بعد الدخول في الاستثمار، وهو قرار خاطئ؛ إذ من المفترض دراسة جميع العوامل المساعدة على اتخاذ القرار الصحيح قبل الشروع بأي مشروع، مع توقُّع التحديات المحتملة كافة، والاستعداد للتعامل معها.