رمضان جريدي العنزي
لا يختلف أحد عاقل واع مدرك، بأن العيش بوجوه متعددة من أبشع الأعمال وأشدها خسة ودناءة وتلاعبا بكل المعايير الموضوعية والإنسانية والتعاملية والأخلاقية، إن العيش بوجوه متعددة يعني قلب الحقائق، وتغليب الأباطيل، وترسيخ الدجل، ومسح كامل للأخلاق والسلوك والثوابت والأصول، وصاحب الوجوه المتعددة يعيش في أدنى مراتب الحياة وأحقرها، ويسبح في وحل التناقضات والازدواجيات اللاسوية، ويؤذي بأعماله النشاز الأرض والعباد، ولا يسلم منه حتى الطير والدود والشجر، كونه يسبح في مستنقعات آسنة من المظالم والأكاذيب واللغو والآثام، إن العيش بوجوه متعددة صناعة الكذابين الأفاكين، المرائين والمتلونين، وأصحاب هذه الوجوه حمقى يهوون الاستحواذ، ولهم انشطارات مرعبة، ويزيدون الطين بلة في التمثيل والإخراج والأداء، إنهم مدعون بارعون، ولهم خدع كاذبة، وطرق خبيثة، وفيروسات سامة، تفسد الحياة، وتؤدي إلى الاضطراب المرهق، إنهم من أشد الناس وأكثرهم خطرا على الحياة والمجتمع، لقد ابتلي الناس ببعض هذه الأصناف والعينات اللامرموقة، التي أجادت التمثيل، وبرعت فيه، وكسبت من خلاله، وتسترت بشعارات براقة، وأطلقت الكلام تلو الكلام، من أجل المصلحة والمنفعة الشخصية الضيقة لا غير، وحين تحصل هذه العينات على مبتغاها ومرادها تقلب ظهر المجن لمن أعطاها وأوصلها لتلك المكانة، وأعطاها المنفعة، وانصرفت بالكامل لبناء ترسانة من الكذب والدجل والافتراءات والروايات الباهتة حوله، على حساب القيم والمبادئ والأخلاق والدين والعرف وحفظ المعروف، لكن عند هؤلاء آفة جشع، وآفة طمع، وحب امتلاك واستحواذ، يتلونون، ويقتنصون الفرص بشتى الحيل والطرق والأساليب، حياتهم سطحية عابرة، وأحلامهم تنصب كلها في كيفية اصطياد الفرص واغتنامها، ما عندهم عبر ولا دروس ولا كرامة، ولا يسعون كما يسعى العقلاء، ولأنهم نسوا أنفسهم وبنوا شخصياتهم على أساس من الزيف والخداع والحيل، فإنهم لن يحصدوا في النهاية إلا المصير الأسود، والمستقبل المر، والسمعة الرديئة، قد يتاح لهم أن يربحوا بعض الجولات أو كثيرا منها، ولكنهم في نهاية المطاف لن يكونوا إلا من الخاسرين، إن النزعات التملقية التي يمارسها هؤلاء لن يحصدوا بها في النهاية سوى الفشل الذريع، والنكوص المريع، لأن عاقبة التلون والتناقض والتعدد في الوجوه والمواقف جدا وخيمة، إن أصحاب الوجوة المتعددة مهما برعوا وتفننوا في الحيل والمكر والخديعة، سرتد عليهم حيلهم ومكرهم وخديعتهم، طال الزمان أو قصر، لأن الله وحده {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}، سيحاسب الله الإنسان على كل أعماله الظاهرة والباطنة بدقة غاية في التناهي والعدالة، سيعاقبه عليها، ويجزاء الجزاء الأوفى الذي يستأهله ويجدر به ويستحقه.