د. أحمد الفراج
كان قاسم سليماني قد غادر دمشق في طريقه إلى بغداد، اذ هو الحاكم الفعلي بأمر الولي الفقيه لأربع دول عربية، كما يردد أتباع الملالي، وكان شركاؤه ينتظرونه في مطار بغداد، لتنفيذ أعمال إرهابية، تستهدف مصالح أمريكية في المنطقة، وكان لذلك هدفان أساسيان، أولهما هو الأمل بمغادرة أمريكا للعراق، لتتفرد بها إيران وميليشياتها، والهدف الآخر هو الإضرار بالرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الذي انسحب من اتفاق أوباما النووي، إذ ليس هيّنًا على حكام طهران أن يخسروا المكتسبات، التي منحها لهم أوباما، حيث منحهم المليارات، وغض الطرف عن سياساتهم التوسعية، وعن دعم الميليشيات التي تحكم باسم إيران، ولم يكن بدر بخلد راسمي السياسات الإيرانية أن تحركات سليماني، التي تحاط بأقصى درجات السرية مرصودة، فهم في مواجهة أعتى قوة استخباراتية وعسكرية في العالم الذي نعيش فيه، واللعب مع قوة من هذا النوع فيه مخاطرة كبيرة.
بعد أن استقبلت صواريخ أمريكا موكب سليماني، كان لزامًا أن تثأر إيران، وكنت قد توقعت أن توكل هذه المهمة لميليشياتها . هذا، ولكنها قررت أن ترد بنفسها، ولكن ردًا سياسيًا موجهًا للداخل الإيراني، وليس ردًا عسكريًا يلحق الضرر بأمريكا، فإيران تعلم أن الجنرال في واشنطن ليس أوباما، بل جنرال لا يمكن أن يتسامح مع أي ضرر يلحق بالمصالح الأمريكية أو يودي بحياة أمريكيين، ولهذا بلّغت إيران حكومة العراق عن نيتها مهاجمة قاعدة عين الأسد في العراق، حسب تقارير موثوقة، وحتى لو لم تفعل ذلك، فإن الاستخبارات الأمريكية كانت ترصد كل ما يدور، وتعلم عن صواريخ إيران، ومع ذلك لم تعترضها، وذلك لسببين، الأول أنها قد أخذت احتياطاتها بالكامل، وثانيها أنها رأت أن تسمح لإيران بالتنفيس عن غضبها، طالما أنه لن يكون هناك أضرار، فأمريكا حققت هدفها بالقضاء على رأس الإرهاب في الشرق الأوسط، ولن يضيرها أن تنتقم إيران انتقامًا معنويًا لا يلحق ضررًا يذكر، ولكن مهلاً، هل انتهى الأمر عند هذا الحدّ، كما صرح وزير خارجية إيران، أم أن للحكاية بقية؟. هذا ما سنتطرق له.