رقية سليمان الهويريني
كنت أظن أن شبابنا العربي، يتمتعون بمتانة عقدية واتباع للمنهج الإسلامي حيث نشأوا في أسر يحكمها الإسلام ودرسوا ما لا يقل عن اثني عشر عاماً مناهج شرعية تضاهي ما يتعلمه طلبة العلوم الشرعية في الجامعات الإسلامية.
وأزعم أن من تعلم المناهج الشرعية على مدى اثني عشر عاماً لن يحتاج قط لمن يفتيه في أمور دينه العامة، فقد تعلموا جميع أنواع الصلوات من الجمعة إلى الجمعة فالاستسقاء والكسوف والخسوف وحتى العيدين والجنائز، ومتى يقصرون الصلاة ومتى يجمعونها، وبرغم ذلك فإن أكثر الأسئلة التي ترد في برامج الإفتاء من المواطنين غالبا تكون عن أمور مرت عليهم في المناهج الدراسية.
ولا ريب أن السؤال عن شؤون شرعية غامضة من أوجب الأسئلة، وهي عادة متوافرة بحمد الله حتى على صفحات البحث الإلكتروني ولكن بعض المستفسرين يرغبون بالإفتاء. والمفاجأة أننا أصبحنا نسمع عن اعتناق فئة من شبابنا العربي لديانات أخرى عدا عن ملحدين لا يعترفون بوجود الله!
وفي حين يرجع البعض وجود تلك الحالات إلى (الانفتاح الإعلامي غير المراقب وكذلك أمْن العقوبة). فإن هذا التشخيص تنقصه الدقة، ولا يكفي تحويل الملحدين والمستهزئين بالدين للمحاكم الشرعية، دون دراسة الأسباب، فليس أسهل من رمي التهمة على عواهنها والتخلص من دراسة الأسباب والمعطيات لنصل إلى نتيجة.
ولعلنا هنا نطرح سؤالا بحجم الدهشة: برغم ضخامة المحتوى الشرعي في المناهج الدراسية ومدة سنوات التعليم؛ إلا أن قلة من أبنائنا العرب يلحدون، فلماذا؟! وهل مطاردتهم وتحويلهم للمحاكم الشرعية هي العلاج؟ وهل فعلا الإعلام هو من رسخها؟ أم أن تلك الكوامن الإلحادية كانت مترسبة في النفوس ففجرها الإعلام، ونشرتها حرية التعبير؟
الأمر يحتاج لدراسة متأنية، فهو ليس ثورة ضد الظلم وحلما بربيع ديني! ولكنه تحول عن دين التسامح الإسلام الخالد، أو إلحاد وإنكار بوجود رب عزيز كريم عادل رحيم رؤوف بعباده، لم نره ولكننا نعرفه بعلامات كثيرة وآيات بينات تدلنا على عظمته وقوته وحلمه وعفوه.