بعد تصويت حزب (الليكود) قبل عامين على قرار يدعو إلى بسط (السيادة الإسرائيلية) على المستوطنات في الضفة الفلسطينية بما فيها القدس والأغوار، يأتي (قرار وزير الدفاع الإسرائيلي) نفتالي بينت مؤخراً بشأن تسجيل أراضٍ فلسطينية داخل المستوطنات في (سجل الأراضي بوزارة القضاء الإسرائيلية)، وتسجيل الأراضي الفلسطينية في المنطقة (ج) من مناطق الضفة الغربية، بدلاً من الإدارة المدنية التي تعتبر ذراع الاحتلال في مثل هذه الشئون تأكيداً على تنفيذ سياسات وإجراءات الضم للمستوطنات وللمنطقة (ج)، والذي يُعدُ تعدياً صارخاً على حقوق الشعب الفلسطيني، ومخالفاً لكافة القوانين والقرارات الدولية، التي تعتبر الاستيطان بحدِ ذاته جريمة حرب كاملة الأركان، تستوجب إزالة كافة أشكال التوسع والاستيطان في أراضي الغير، ويقضي مشروع هذا القرار على اتفاق أوسلو قضاء مبرماً، ويمثل تحدياً لقرار مجلس الأمن رقم 2334 والقرار 242 وتحدياً لقرارات المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية.
إن إقدام الكيان الصهيوني على هذه الخطوة وما سبقها من خطوات بشأن القدس والاستيطان، يفضي إلى إنهاء أية إمكانية لعودة التفاوض بشأنها وشأن مختلف قضايا الوضع النهائي تحت رعاية الولايات المتحدة.
إن الشعب الفلسطيني وقواه المختلفة وقيادته الوطنية عليها التصدي بمختلف الوسائل القانونية والدبلوماسية وعلى كافة المستويات الرسمية والشعبية.. وأولها: إطلاق المقاومة الشعبية وتفعيل كافة أطرها ودعمها بكل أشكال الدعم حتى يسقط مشروع الضم والتوسع الاستيطاني ويقتلع من جذوره.. وثانيها: التحرك الجاد والفعّال على مستوى القضاء الدولي وفي مقدمته محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية التي سبق لها أن أصدرت حكمها بشأن جدار الفصل العنصري وحكمت بعدم مشروعيته وطالبت بإزالته.
من هنا نرى ضرورة التقدم بالطلب إلى الجمعية العامة بإصدار قرار يطلب من محكمة العدل الدولية النظر في مسألة الاستيطان والتعديات الصهيونية على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والإجراءات الصهيونية المزمع اتخاذها بشأنها والتي ستحكم بلا أدنى شك بعدم جوازها وستطالب بإزالتها أسوة بقرارها القضائي السابق بشأن جدار الفصل العنصري، بل واعتبار الاستيطان أيضاً جريمة حرب، يجب محاكمة المسؤولين عنها والمتورطين فيها، إعداداً وإنشاءً واستعمالاً، واعتبار كل مستوطن في الأراضي الفلسطينية مجرم حرب، وعدم التعامل معه بأية صفة سياسية أو مدنية، بل شأنه شأن القوات الغازية والمعتدية.
بناء على ما تقدم للقيادة الوطنية الفلسطينية أن تعلن انتهاء فترة الحكم الذاتي التي نص عليها اتفاق أوسلو منذ مايو 1999م، نظراً للإجراءات الصهيونية المتلاحقة بشأن تقرير مصير قضايا الوضع النهائي بشكل أحادي، وإفشالها كافة الجهود التي بذلت من أجل التفاوض بشأنها على مدى عقدين ونيف، وما أدى إليه من قتل أيّ أملٍ للتفاوض بشأنها، أن يتم من الجانب الفلسطيني أيضاً وبشكل أحادي مدروس باعتبار أن جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة في عدوان 1967م هي أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.. ولها أن تمارس عليها سيادتها الكاملة، وأن أيّ وجود لقوات الاحتلال ومستوطنيه عليها هو وجود غير شرعي، يحول دون ممارسة دولة فلسطين لسيادتها على أراضيها طبقاً لقرار الجمعية العامة 19 / 67 لسنة 2012م والذي قُبِلَتْ بموجبه دولة فلسطين وعلى أساسه عضواً مراقباً في الأمم المتحدة.
هكذا يلعب اليمين الحاكم ووزير دفاعه بنار الاستيطان والضم ليشعل الموقف على كافة المستويات، ويفتح آفاق المواجهة المختلفة، متحدياً حقوق الشعب الفلسطيني، والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.