فهد بن جليد
هي ثروة مُهدرة إذا لم يتم الاستفادة منها بالشكل الصحيح، المسؤول عن ضياعها -برأيي- إدارات العلاقات العامة التي يفترض أنَّها تقوم بالبحث عن الكفاءات الإبداعية ودعمها لدى الجمهور الداخلي، وعقد ورش عمل ولقاءات وتعزيز الانتماء والاستعانة بالمُختصين عند الحاجة بمُختلف المجالات بالرفع للإدارة العُليا، فلربما أن هؤلاء اقترحوا حلولاً أو تدخلوا لتطوير العمل، ورفع مستوى الأداء دون حاجة المُنظمة لدفع مبالغ مالية باهظة، أو حتى الاستعانة بخبراء مُحتملين قد يقلون عن خبرة وكفاءات بعض الموجودين داخل المنظمة نفسها، والذين لم تصلهم (العين الفاحصة) إمَّا خوفًا من المُنافسة أو لمصالح أخرى خاصة، أو نتيجة الجهل بأهمية هؤلاء وعدم تقديرهم بالشكل اللائق والمُستحق.
سأضرب مثالاً بتصميم أفضل الشعارات والأيقونات للوزارات والمصالح والشركات والمشروعات على مستوى العالم، فهي تلك التي صمَّمها أو ابتكرها أبناء المنظمة داخليًا والعاملين بها (بمكافآت رمزية)، بينما الاعتماد على شركات مُتخصِّصة كانت مُحاولة هروب مقبولة نحو الأمان والبعد عن الأخطاء، بالبحث عن المختصين وإسناد الأمر لأهله، هكذا تبدو الأمور في ظاهرها، ولكن (الخيار الثاني) يتسبب أحيانًا بأخطاء كبيرة بالابتعاد عن الهوية، وربما واجهوا انتقادات المبالغ الكبيرة التي دفعت للتصاميم، وطاردتهم اتهامات بالسرقة والتقليد والتشابه من قبل الشركة المُصمِّمة، بينما الاعتماد على الكفاءات الداخلية يبعث روح التحدي والإبداع والابتكار ويُعزِّز الثقة في الموظفين وقدراتهم، وحتى الولاء للمُنظمة وشعارها ورمزها الذي شاركوا في صنعه -بلا تكلفة مالية- تُقارن بالخيار السابق، ويكفي أن الإبداع ولِّد من رحم المنظمة ويمكن تطويره أو تهذيبه وفق الاحتياج، ولنا في شعار اجتماع الـG20 خير مثال عندما صمَّمه فنان سعودي، بينما كان بالإمكان الاستعانة بأشهر وأكبر الشركات العالمية في هذا المجال.
الكفاءات الداخلية البشرية بين الموظفين الحاليين من أهم الأصول للشركات والمنظمات العاملة، فبالرغم من أن المديرين يقضون الكثير من الوقت، ويبذلون المزيد من الجهد والمال لاستقطاب كفاءات من خارج الدائرة لتوظيفهم، كان بالإمكان الاعتماد والحفاظ على الموظفين المتميزين ومنحهم ثقة ومساحة أكبر للإبداع، المضحك أن هذه العملية حلقة مفرغة ودائرة بين الجميع، فالموظف في (الجهة أ) يتم استقطابه ليبدع في (الجهة ب)، بينما المبدع في (الجهة ب) قد يتم الاستعانة به في (الجهة أ)، وهكذا دواليك تبعًا للمثل الشعبي القائل (وين أذنك يا حبشي).
وعلى دروب الخير نلتقي.