محمد عبد الرزاق القشعمي
- وشارك بالملف بقصائد رثائية كل من: شفيق العبادي، وعدنان السيد محمد العوامي، وعبدالله آل سيف، وعباس خزام، ومحمد سعيد الجشـي، وحسن السبع.. ونختار من قصيدته:
اضحك.. أبا سلمان:
أيقظ - أبا سلمان - فيناء ضاحكاً، وهج الكتابة
واسلك بحور الشعر واشطح قاصداً شط الدعابة
واصدع بما توحي السجية لا بما توحي المهابة
فالضحك ليس جريمة.. أو جنحة لنسد بابه
شعر الدعابة بحره.. متلاطم فامخر عبابه
فلقد ركبت البحر في الماضي ولم تخش اضطرابه
واختتمها بقوله:
منذ اعتلى متن الكلام البكم وانتهكوا رحابه
فتعطلت لغة الجمال وأينعت لغة الرتابة
وزن وقافية ولا فحوى سوى صخب الخطابة
المفردات تكلست.. والشعر لم يبلغ شبابه
نظم تساوى عنده.. حُلُم الفراشة والذبابة
والشعر بات ملوث القسمات بات على جنابه
فليغتسل بالضحك أو فليبك مما قد أصابه
- وصفه الأستاذ الدكتور عبد الهادي الفضلي بمقدمة (ديوان الكوفي) برائد من رواد النهضة الأدبية في القطيف وفي أرض الجزيرة العربية، وهو لم يكن مقلداً في شعره أو العروض في نظمه، وإنما كان يعتمد على ذوقه وخلفياته الثقافية، وهي حصيلته.
ويعرّف الكوفي نفسه وشعره في المجال المومأ إليه في قصيدته التي عنونها بـ(شعري) فيقول:
سبحت بحار الشعر من غير موقف
بساحل شطآن العروض على بحر
ولم أرتشف من ماء مزنة شاعر
ولم أستفد نظم القصائد من سفرِ
فلا المتنبي ذقت عذب معينه
ولا بأبي تمام والبحتري أدري.
ولا للمعري سرت في سقط زنده
ولم أدر ما شوقي ولم أدر ما صبري
أسير في بحر القريض سفينتي
وسكانها ذوقي ورّبانها فكري
أعوم بها في لجة بعد لجة
لعلي أحظى بالتمني من الدرِّ
- قال عنه الأستاذ فؤاد العمران: «ويعتبر الكوفي في طليعة الشعراء الكلاسيكيين النابغين، وهو شاعر مرموق، تميز عن أقرانه بنظم القصيدة الكلاسيكية، إلا أن سمات التجديد أخذت تظهر في بعض قصائده. كما يتميز شعره بسهولة الألفاظ وقلة التكلف، وفيه من البساطة ما يوحي بفطرته ويجسد شخصيته». وقال إنه قد مرت على منطقة القطيف أحداث.. منها وقعة الشربة التي حدثت في العهد التركي منذ 1325هـ، وهي فتنة أهلية، اشتعلت شرارتها بسبب (شربة ماء) بين أهالي القطيف وبعض البدو المجاورين للقطيف، فأحرقت القرى، وأزهقت الأرواح.. وقد استمرت هذه الحادثة حتى دخول الملك عبد العزيز القطيف، فأعاد الأمن والنظام إليها. فقال الكوفي:
إلى أن أتى عبد العزيز مظفراً
ومستعمرات الترك حان ذهابها
بسيف أبي تركي استقامت وأمنت
وراحت مع الأغنام ترعى ذئابها
هناك استقرت واطمأنت أمينة
وزال بعون الله عنها اضطرابها
وأسفر بين البدو والحضـر الصفا
مع الأمن والويلات ولّى سحابها
وعادت بلاد النبل والعلم والندى
وأجمل أثواب الجمال ثيابها
لها رسم التاريخ أروع صورة
بصفحته يأبى الخمول جنابها
* وقال في بواكير شعره معارضًا الشاعر العراقي معروف الرصافي بقصيدته في (المستر كراين) أحد أثرياء أمريكا الذي زار العراق سنة 1929م، التي قال فيها الرصافي:
يا محب الشـرق أهلاً
بك يا مستر كراين
مرحباً بالزائر المشـ
هور في كل المدائن
مرحباً بالقادم المشـ
كور في هذي المواطن
فعارضه الكوفي بقوله:
يا مريد السوق أهلاً
لترى مستر كراين
فاذا جئت فخبر
ه بما في السوق كائن
قل له فيها حوانيـ
ت التجارة والمخازن
وخبابيز تحوِّر
خبزها فوق البشاخن
أفهذا عندكم في الـ
ـغرب يا مستر كراين؟
السمك معدوم وهـ
ـم بيزات مامن
وعلى أنه صغيرة
بلغت سوق الرباين
والرطب غالي على أ
نه مثل سعر التواين
وإذا الجوع سطا بالـ
ضعف في وسط المصارن
فمن المسؤول عن ذا
لك يا مستر كراين؟
وله مجاراة أخرى لأبي ماضي في بعض مقاطع قصيدة (الطلاسم)، يقول فيها:
ولقد قلت لنفسـي
وأنا فوق العريش
أيما أفضل أكل الـ
ـعيش أم أكل الجريش؟
فأجابتني وللضـر
سـ صرير ووشيش:
كل من الموجود إني
عن سواه لست أدري
- وقد ترجم له مع نماذج من شعره الأستاذ سعيد حمدان الناجي في (معجم أعلام القطيف). ومما قاله في وصفه لسنة (البطاقة) في القطيف سنة (1360هـ) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية وكساد الاقتصاد العالمي:
أمسك بني الحرب وأصرف شر كيدهم
عنا فقد مسنا من شرهم ضرر
أقواتنا خرجت عن حد قيمتها
وقد جرت ضعفها الأطمار والأزر
كأنما تلكم السبع الشداد أتت
كأنها النار في الأزرق تستعر
ومن حكمه:
كن ثابتًا مطمئن القلب مبتسماً
ما دمت حياً وكن بالله معتصماً
صن ماء وجهك واصدق في الحديث تكن
حر النقيبة عند الناس محترماً
الدهر يومان إقبال وإدبار
في كل آونة تبدو له حال
لا حيلة الحر تعليه ولا مال
ولا يشرفه عمّ ولا خال
لا تحسبن شـرف الآباء مفخرة
لمن يقصـّر عن تحصيل ما نالوا
يريد مجداً بلا جهد وليس له
في المجد (ميم) ولا (جيم) ولا (دال)
وإنما يتسامى في علاه فتى
لم تثنه عن طريق المجد أهوال
* وقد وصفه الأستاذ محمد سعيد المسلم في (ساحل الذهب الأسود) بأنه ثاني النوابغ من شعراء القطيف بعد محمد بن سلطان.
وقد ذكره الأستاذ عبد العزيز سعود البابطين في (معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين) بترجمة له وصورته، وعنوانه كما أورد له قصيدتين (سفينتي) و(الأضداد).
** ** **
تنويه
يجدر التنويه إلى وقوع خطأ طباعي في تاريخ عنوان الجزء الأول من المقالة، لذا لزم التنبيه إلى ذلك.