نوف سليمان الفوزان
نشأة الابتعاث لاشك أنها تزامنت مع تأسيس الدولة السعودية الثالثة بل إن معطيات وشواهد تاريخ بداية الابتعاث سابق لتوحيد المملكة العربية السعودية وهذا يقود إلى أن الابتعاث واتجاهاته التنموية يعتبر أحد دعائم بناء الدولة، فقد أدرك المؤسِّس والموحد الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه-، وهو يُقِيم النظام التعليميَّ الأول - ضرورةَ اللجوء إلى نظام البعثات؛ فكانت البعثاتُ ونظامها الذي تطوُّر في عهده حجرَ الأساس في بناء الدولة العلميَّة الحديثة على أرضية صلبة.
وفي دلالة واضحة على الاهتمام بتنميَة الموارد البشريَّة؛ لكونها الأساسَ الرئيس للتنميَة الشاملة للدولة، جاءت برامج الابتعاث استجابةً لواقع ناتجٍ عن رغبةِ حكومتنا الرشيدة في الإسراع بعجلة التنميَة، فتطويرُ قُدُرات وإمكانات الشباب يُعَدُّ هدفًا في إستراتيجيات مختِلف خُطط التنميَة البشريَّة للمملكة العربيَّة السعوديَّة، وابتعاثُهم للدِّراسة في الخارج يشكِّل فرصة إيجابيَّة؛ بُغْيَةَ إحداث نُقْلةٍ وطفرة نوعيَّة، سيكون بالطبع لها مردود تنمويٌّ ومعرفيٌّ واقتصاديٌّ وثقافيٌّ وحضاريٌّ كبير للمجتمَع السعوديِّ.
ومن هذا المنطلق فإن المتابع للتسلسل التاريخي لبرامج الابتعاث في المملكة العربية السعودية التي أسهمت في سدِّ احتياجات بلادنا بالكفاءات الوطنيَّة المؤهَّلة في تخصُّصات نوعيَّة ذاتِ أهميَّة كبيرة لمشروعات التنميَة الوطنيَّة، وفي توفير الطاقات البشريَّة المؤهَّلة والملائمة لمتطلَّبات سوق العمل وخُطط التنميَة، وصولا إلى رؤية مملكتنا الحبيبة الطموحة 2030 التي كان من التزاماتها واتجاهاتها البنائية تعليم معاصر يسهم في دفع عجلة الاقتصاد, والاستعانة ببرامج الابتعاث في هذه الرؤية من خلال التركيز على المجالات الحيوية التي تخدم الاقتصاد الوطني وفي التخصصات النوعية في الجامعات العالمية المرموقة.. سيجد بالتأكيد حرص ملوك وطننا الغالي منذ عهد المؤسس -طيب الله ثراه- إلى عهد الملك سلمان -حفظه الله- بمشروع الابتعاث وأهميته النوعية في البناء التنموي والحراك النهضوي لمجتمعنا السعودي الفتي.