د. عبدالرحمن الشلاش
في الشارع الرئيس في الحي الذي أسكنه يلفت نظري كلما خرجت من المنزل لأي سبب إنشاء مطب اصطناعي جديد. في هذا الشارع الذي يبلغ طوله كيلو مترًا واحدًا كان عدد المطبات قبل سنة مطبًا واحدًا فقط، ومع مرور الأيام نجد كل فترة مطبًا جديدًا حتى وصل العدد في الشارع القصير خمسة، يحتاج تجاوزها كل يوم الكثير من الاحتياط والحذر والتركيز الشديد لتتجنب الأخطار المتوقعة، إذ تضطر عند كل مطب لتهدئة السرعة إلى أدنى مستوياتها عند مؤشر عشرة كيلومترات في الساعة.
كي أنتقل إلى الحي الآخر يوميًا للذهاب لقضاء شأن يومي معتاد أحتاج إلى المرور بخمسة شوارع جملة عدد المطبات فيها تصل إلى خمسة عشر مطبًا على مسافة تقدر بثلاثة كيلومترات. هذا في مشوار واحد فقط فما بالك بمن يقطع عشرات الكيلومترات يوميًا كم مطبًا سيواجه في طريقه. قد لا أتكلم عن ما تهدره هذه المطبات التي شُيدت وكأنها سدود من وقت طويل يذهب سدى حيث يقتضي المرور عبرها التهدئة التامة عند كل مطب، لكنني سأركز على ما تحدثه من أضرار نفسيه مثل الخوف والقلق والتوتر والعصبية، وما تحدثه من أضرار جسمية في حالة أن السائق لم يشاهد المطب وخاصة في الليل قد يؤدي إلى إصابات مباشرة في الرأس أو اليدين أو العمود الفقري أو أي جزء من الجسم، وبالذات عندما يكون في السيارة عدد من الركاب، أو عائلة منهم عدد من الأطفال أو امرأة حامل أو كبار سن لا يستطيعون التحكم بأنفسهم عندما ترتفع السيارة طائرة في السماء قبل أن تعود إلى الأرض مرة أخرى، وقد يتسبب المطب في كسر بعض الزجاجيات إن وجدت محمولة داخل السيارة.
أما الأضرار التي ستلحق بالسيارة فلا تقل أبدًا عن التلفيات المتوقعة لمساعداتها وعجلاتها وبقية أجزاء هيكلها. الجهات المسؤولة أرادت أن تريح نفسها وخاصة المرور فطالبت بزرع هذه المطبات وباستمرار حتى بلغ عددها داخل العاصمة رقمًا فلكيًا غير متوقع. بتنا ننتظر لنفاجأ صباح كل يوم بتنفيذ مشاريع لمطبات جديدة لا نعلم من أوصى به أو أقترحها. هل هي رغبة المرور في التخلص من المتهورين من متجاوزي سرعة ومفحطين دون بذل أي جهد يُذكر ودون عناء، مع أن بيد المرور تطبيق النظام ومعاقبة المتهورين بكل سهولة لكن يبدو أنهم آثروا الراحة، أم أنها مطالبة من بعض الأهالي في الأحياء وأصحاب المحلات.
بلغ عدد المطبات رقمًا يستدعي إعادة النظر فيها والإبقاء فقط على ما تقتضي الحاجة الإبقاء عليه.