سلمان بن محمد العُمري
الكذب خصلة ذميمة وهي من صفات المنافقين والآيات والأحاديث التي وردت في النهي عن الكذب عديدة وكفى بها ذماً ومنقصة أن يرد تحريمه في الكتاب والسنة.
وقد أظهرت دراسة نشرتها صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الرجال أكثر من النساء لجوءًا للكذب، حيث إن الرجال يكذبون مرة كل أربع أيام، وفق ما كشفه مركز كشف الكذب البشري ولغة الجسد، في حين أن النساء يكذبن مرة كل ثمانية أيام.
وأبانت الدراسة أن هناك تسعة من أصل عشرة أشخاص قالوا إنه بإمكانهم كشف الكذب إذ يعد الهروب من تواصل العين أكبر وسيلة تفضح الكاذبين بنسبة 64 %، في حين أن تأخر الردود يفضحهم بنسبة 50 %.
ومما يؤكد على نتائج الدراسة السابقة، دراسة بريطانية، شملت 3000 امرأة ورجل، خلصت إلى أن الرجال يكذبون 1092 مرة بالسنة، في حين أن النساء يكذبن 728 كذبة.
وأظهرت نتائج بحث للعلماء في معهد ماكس-بلانك في برلين أن الرجال يكذبون أكثر من النساء، ويشير العلماء بشكل عام، أن معدل كذب البشر هو 200 مرة في اليوم، لأسباب متنوعة منها المجاملة والبراغماتية لبلوغ غاية ما.
ولاشك أن الكذب من الصفات والخصال السيئة التي ندعو الله أن يبعدها عن أي إنسان، وهو سلوك يمتاز صاحبه بقول غير الحقيقة، وما يترتب على ذلك من آثار قد تكون كارثية على الفرد والأسرة والمجتمع، والكذب نقيض الصدق، والحياة تسمو وترقى بالصدق، ولكنها تتهدم ويحل بها الخراب بالكذب، وإذا استطعنا تصنيف سلوك البشر حسب درجات وأصناف وأنواع، فإننا أمام الكذب نقف عاجزين عن تصنيفه بدرجات ومراحل؛ لأن صغيره وكبيره حرام، والنتائج المترتبة عليه تحمل في طياتها الكثير من الألم والضرر والأذى، ولذلك يجدر بنا أن نصفه بالمرض العضال الذي لا خلاص منه إلا باجتثاثه من أصوله، وإحلال الصدق محله كدواء، وبالتالي يصفو الجسد، ويرتاح البال، وتحل السعادة.
وقد يتصور البعض أن خصلة الكذب مرتبطة بأناس غير متعلمين أو أصحاب وظائف بسيطة أو مهنٍ معيّنة، وهذا مفهوم خاطئ جداً فالكذب -مع الأسف الشديد- قد يكون مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمن يحمل مؤهلات عليا، أو منصب عال، لأن هذا سلوك ليس له علاقة بما هو عليه الإنسان، ويفنّد بعض علماء النفس أن الكذابين ذوي الطبقة العليا هم مرضى نفسيون تجدهم مع خصال الكذب، يوجد لديهم الشك وسوء الظن في الآخرين، حتى في المجالس والاجتماعات واللقاءات تلحظ عيونهم لا تهدأ أبداً من مطالعة الآخرين، وفي داخل عقولهم تبدأ التحليلات بأن هذا يحكي فيه، والآخر يلمز عليه، وآخر يريد به شراً. وهذه كلها تأويلات خاطئة وأفكار وضيعة مريضة بسبب ما يعتصره من مرض نفسي اسمه (الشك وسوء الظن). وهذا له علاقة -أيضاً- بالكذب مع أقرانه وكل من يختلط معه، ومثل هذه النوعية من البشر تجد فيها التردد، والمكر، والخداع؛ وبذاءة اللسان.
لقد لخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقع الصدق ونتائجه، وواقع الكذب ونتائجه في حديثه الشريف الصحيح عندما قال: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً.
والإنسان العاقل يعرف ماذا يختار أمام هذين الخيارين اللذين يوصل أحدهما إلى الجنة ويفضي الآخر إلى النار، والله نسأل حسن الخاتمة.