د. خيرية السقاف
من طرائف ما احتفظت به في قراطيسي ما قال «ميمون بن هارون» عن رجل قال لصديقه: (ما فعل فلان بحمارِه؟ فأجابه: باعِه -بكسر العين- قال: قل باعَه -بفتح العين- قال: فلِم قلتَ أنت بحمارِه؟ -بالكسر-؟ قال لأن الباء تجرُّ, قال: فمن جعل باءك تجر, وبائي ترفع؟!)..
وأذكر في السياق أنني كنتُ أنبِّه بلطف طالباتي, وصغاري إلى حروف الجر بعبارة أنها تجر بتا راسخا أفلا تجر ما سواه؟, فذهبوا لا يخطئون في عمل حروف الجر حين ترد..
تخيلت كم من الطرائف غاب عن المعاصرين صيدها, وتدوينها وهي ثرة تتدفق ليس على الألسنة فيما ينطقون, بل فيما يسطرون ويعبرون,..
والواقع عج الفضاء بطرائف مسالك الناس, ولغة مخاطبتهم, ومحادثاتهم, ومن حيث كان الكتاب, والشعراء, والرواة, والمصنفون يعنون كثيرًا بسلامة لغة تعبيرهم, وتصنيفهم, وخطابهم فقد فرط المعاصرون في هذا الجانب من العناية بالملاحظة, وبالتدوين أيضًا..
ولعل في هذا الوجه من المقارنة ما يدعو أرباب الكتابة والأدب واللغة إلى الوقوف للملاحظة, والتدوين, ومن ثم العناية بابتكار الأفكار وإن جاءت في نصوص أدبية تعيدنا للمناهل الأولى لمن كان لماحًا, وصيادًا, ومدونًا, ومؤلفًا ما أثرى المكتبة بتراث أدبي, ولغوي, وفكري, ونقدي, وطرائفي لا يضاهى!!..