د. نوف بنت محمد الزير
تسعى المنظومة التعليمية في بلادنا الغالية إلى المساهمة الفاعلة في دفع عجلة التنمية في المجتمع ودعمها وتطويرها من خلال مجالات متعددة ترتكز معظمها على التدريب والاستشارات سواء داخل المؤسسات التعليمية أو عن طريق الشراكة المجتمعية مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص التي تبنتها رؤيتنا الوطنية المباركة ودعمتها التجارب العلمية وأثبتت جدواها الممارسات الفعلية المحلية والإقليمية والدولية لذوي الاختصاص والجهات ذات العلاقة.
ذلك أنه من دواعي اعتزاز الجامعات بمنسوبيها مشاركتهم في خدمة مجتمعهم داخل المؤسسات المعتبرة نظاماً؛ فإسهام عضو هيئة التدريس في الشراكة المجتمعية يحقق تطلعات ولاة الأمر ويُعدّ استثماراً حقيقياً للطاقات الوطنية في مجال الاستشارات والتدريب بشكل خاص. ولم تزل الدول المتقدمة تبدي اعتزازها البالغ بأفرادها الذين يُشكّلون خبرات استشارية وطاقات وطنية فتجعل لهم الصدارة في رعاية عجلة التنمية والعناية بها وتحفز المبادرين بخدمة أوطانهم إلى مزيد من العناية والرعاية والترشيح والتكريم.
إن مما يحقق النجاح للشراكة المجتمعية وجود الثقة والاحترام المتبادل بين الشركاء وممثليهم، وتحقيق المنافع المتبادلة وتنمية روح المسؤولية المجتمعية لدى أفراد المجتمع المؤهلين لتقديم مشاركاتهم بكل ترحيب في ميادين المجتمع المختلفة..
كما أن من أهم متطلبات بناء الشراكة وجود المظلة الرسمية والدعم المؤسسي المستمر وتوفر قدر من المرونة في التكليفات مع عضو هيئة التدريس المبادر في الشراكة المجتمعية والمسهم بفاعلية في نتاجها وإعطائه الأولوية في التعاقد وتمثيل الجامعة -المؤسسة التعليمية- في الشراكة المجتمعية والمحافل الإقليمية والدولية..
إن تشجيع أعضاء هيئة التدريس على الشراكة المجتمعية يعد حقيقة استثماراً للثروة الوطنية الكبيرة التي تحظى بها بلادنا الغالية، تحقيقاً لتطلعات ولاة الأمر وإسهاماً في الرؤية الوطنية المباركة التي تركز على دعم مشاركة الفرد في الناتج القومي وتحفيز مساهمة القطاع الخاص في تنمية المجتمع واستثمار ما لديه من مهارات وخبرات وطاقات.
كما أنه يمكن أن يوفر الميزانيات الباهظة التي تدفعها المؤسسات المختلفة للتعاقد مع الشركات الخارجية في الاستشارات والتدريب وما شابه مما يدعم اقتصاد المعرفة والتنمية المستدامة.
إن الجامعات التي تدعم أعضاء هيئة التدريس في الشراكة المجتمعية تحقق الصدارة في أداء رسالتها في خدمة المجتمع وتنمية أفراده والذي يجب أن يكون تصوراً واضحاً في أذهان القائمين عليها ومنسبيها، وهدفاً ثابتًا من أهدافها الرائدة.
فمبادرة عضو هيئة التدريس الشراكة في مؤسسات المجتمع الحكومية والخاصة المعتَبرة نظاماَ يَجْدُرُ أن تحظى بالإشادة والدعم على المستويات كافة: المستوى الرسمي الذي تمثله الجهة والمؤسسة التعليمية وتحفيزه بالشكر والثناء والدعم وإتاحة الفرصة له لمزيد من العطاء والتنمية.
والمستوى الوطني على اعتبار أنه مواطن صالح وعضو فاعل يسعى لخدمة وطنه وتنمية أفراده مستشعراً قيمة الانتماء الوطني وأثره في تحقيق مزيدٍ من التميّز الوطني والتقدم في خدمته ونشر الصورة الذهنية الصحيحة عنه. وإبراز ذلك في القنوات الإعلامية والتغطيات الاجتماعية واللقاءات العلمية والمبادرات الإنسانية والمشاركات المحلية والإقليمية والدولية.
إن مما يؤسَف له محاولة بعض الجهات الحد من الشراكة المجتمعية عن طريق فرض تنظيمات روتينية لا تتواءم والمكانة الكبيرة لمملكتنا الحبيبة ولا التطور الراقي الذي حظي به مجتمعنا المتطلع؛ والتعامل بتقليدية مقيتة تستدعي تعطيل الشراكة المجتمعية أو تأخيرها أو تأجيلها وربما إلغائها بسبب قصور عند موظف أو خلل في إدارة أو سوء فهم للتعليمات أو آلية تنفيذها! أو ركاكة في تطبيق النظام أو تجاهل القرارات أو التردد في تطبيقها أو الوهم أن فرض مزيد من القيود علامة على رقي فكر وتحديث نظام.
لو سلّمنا أن الموضوع لضبط الشراكة ووضع قاعدة بيانات لمثل هذه الشراكة الرائعة والمبادرات المشكورة والجهود المبذولة؛ فإنه يكفي فيها إشعار آلي يمكن لعضو هيئة التدريس تعبئته وطباعته مباشرة من موقعه أو صفحته الشخصية في حساب الجامعة!
ولا أدري أيستحق عضو هيئة التدريس خطاب شكر تجاه تلك المشاركة، أم مساءلة قانونية لأنه أسهم في خدمة مجتمعه وحظي بدعم قطاعات وطنه العامة والخاصة؟!
سيما وأن هذه المشاركة لا تتعارض البتة مع العمل الرسمي وقتاً والتزاماً وسلوكاً ونظاماً وهدفاً، في ظل قيادة حكيمة وولاة أمر يدعمون الوطن وأبنائه بلاحدود ويسعون للتكامل الفاعل بين مؤسسات المجتمع وطاقاته. ومن خلال تطبيقات الحكومة الالكترونية التي أصبحت نمط المجتمعات المتقدمة، فالقضايا الكبرى تُنفّذ في أسرع وقت وبأقل جهد وأعلى معايير الجودة فما بالك بما هو دون ذلك.
شكراً لكل من قدّم خدمة لمجتمعه، وشكراً لكل مؤسسة تدعم منتسبيها ليتفانوا في ذلك.. وشكراً بحجم السماء وامتداد الأرض وعمق البحر لوطن العطاء الذي يحفزنا بحكمة قيادته والمخلصين من قاماته لأن نكون رقماً ناطقاً على خارطة العالم.