أ.د.عثمان بن صالح العامر
هناك من الناس من حباهم الله عز وجل كاريزما خاصة، منحهم سحر الشخصية، لا تحتاج أن تجالسه طويلاً وتخالطه كثيراً حتى تتعرف عليه وتحبه، فهو مختلف عن غيره - نسيج لوحده - في عباراته ونبراته وفلسفاته وهمهماته وحركاته وسكناته ومشاعره وسلوكياته وابتسامته واحتفائه بالآخرين حتى وإن كان اللقاء الأول الذي يجمعه بهم، بسيط متواضع، محب للكل خاصة الشباب، يملك مهارة مخاطبة العقول عن طريق القلب بأسلوب ساخر متميز وذو نكهة خاصة لا يجيدها إلا هو، ملهم للأفكار الإيجابية بالحياة، سباق في أعمال الخير التطوعية، له لونه الخاص الذي يأسرك وتجد نفسك مجبراً على متابعة حسابه ومعرفة جديدة، ولذا فالطريق أمامه للتأثير على غيره غالبا ما يكون معبداً ميسوراً بتيسير الله له الذي زرع حبه في قلوب عباده، وما أنا في هذا التواصل الوجداني مع نجيب الزامل رحمه الله سوى مجرد رقم، قبلي أرقام كثر ومن بعدي أكثر وأكثر، أرقام من المتابعين المحبين من مختلف الأعمار والفئات والأجناس والجنسيات والاتجاهات والتوجهات، كان لهم مع هذا الرجل رحمه الله علاقة ود من بعيد، عنوانها الحرف، وسمتها الإبداع وحمولتها ثقافية فلسفية تربوية مهارية معرفية بامتياز، بدايتها الإعجاب الصرف ثم التعلق والود والنهاية الحزن الشديد على رحيله من هذا الدنيا إلى دار البرزخ (القبر) رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ورزق أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
لقد غرد رحمه الله يوماً ما قائلا: «رحيل الأحباب يترك في القلب جرحاً عميقاً، ومتى اندمل يبقى أثراً غائراً.. كما يترك بالوجدان ذكريات لا تؤخذ» ولم يكن يدور في خلده حين كتب هذا النص أن ما غرد به سيكون لوحة معلقة في حسابات الكثير من متابعيه وكأنهم يقولون (أنت هو الراحل عنا ونحن لك محبون، وجزماً سيأتي اليوم الذي نودع هذه الحياة كما أنت، فهل سيخلد ذكرنا؟، هل سيتناقل ما قلناه أو فعلناه في عالم الواقع أو حتى الافتراض؟، هل سنذكر بالخير كما أنت؟، من سيفتقدنا بعد أن نموت؟، وأين سنموت؟، وماذا سيكون حالنا بعد الرحيل؟). في أمان الله.