ياسر صالح البهيجان
أجزم بأن المستفيدين من أيّ قطاع خدمي لديهم من الأفكار التطويرية والمقترحات البناءة ما يمكنها إحداث نقلة نوعية حقيقية ذات أثر فعّال تفوق بمراحل الخطط والإستراتيجيات التي تُصاغ داخل المكاتب المغلقة أو شقيقاتها المستوردة من تجارب دولية قد لا تتناسب مع طبيعة المجتمع واحتياجاته الفعلية.
ومن خلال متابعتي اليومية لما يُطرح في حسابات الجهات الخدمية بشبكات التواصل الاجتماعي لمست ارتقاء وعي المجتمع، وحجم الثراء المعرفي المطروح في تعليقاتهم، وهو ما تحتاجه مؤسساتنا لتحسين جودة خدماتها، بما يسهم في تغيير الصورة الذهنية السلبية عنها، ويحقق رضا المستفيد بوصفه المعيار الأكثر مصداقية من بين المعايير الكمية التي قد لا تتجاوز كونها أرقامًا متراصّة لا أثر لها على الواقع.
ولا أعتقد بأن تلك الأفكار والمقترحات تحظى بالاهتمام الكافي في معظم الجهات، إذ إن النسبة العظمى منها تضيع هدرًا رغم أنها مورد رئيس تُدفع من أجله أموال طائلة في دول أخرى، بينما تأتينا نحن مجانية على طبق من ألماس دون أن نمنحها حقها من الدراسة والبحث والتقصي؛ لنستطيع ترجمتها إلى مشروعات غير مسبوقة، وذات عوائد نافعة في مختلف المجالات، ودون أن نستفيد منها لمواجهة المعوقات الجمة التي تعجز الكثير من المؤسسات عن إيجاد حلول لها في ظل حجم الأعمال اليومية التي تثقل كاهلها.
أقول ماذا لو أخذت كل مؤسسة على عاتقها إنشاء مركز لرصد المقترحات والأفكار وتطويرها وفق أسس علمية قابلة للتنفيذ، بما ينسجم مع الأهداف الإستراتيجية، ويتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 وبرامجها الوطنية، حتمًا سيصبح لدينا بنك من المعلومات التي لو استثمرنا جزءاً منها سنويًا سنلمس الفرق الإيجابي، وسيشعر المستفيد أنه شريك حقيقي في صناعة القرار ومساهم فاعل في التطوير والتنمية، وسنردم الفجوة فيما بينه وبين الجهة الخدمة التي قد تضيع بوصلة الطريق في ظل ركضها المستمرة خلف مؤشرات أداء شكلية.
رؤيتنا الطموحة أكدت أن المواطن هو الثروة التي نراهن عليها جميعًا لجعل وطننا نموذجًا رائدًا على المستوى الدولي، وهذا الرهان لم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة إيمان القيادة الحكيمة بما لدى المواطنين من قدرات معرفية وإمكانات إبداعية بمقدورها جعل المستحيل ممكنًا.
وحري بالقائمين على المؤسسات الوطنية اتخاذ خطوات فاعلة تمكّن المستفيد من تحقيق تطلعاته التي أصبح يعبر عنها بوضوح في شبكات التواصل الاجتماعي.