لقد بات سلوك حركة حماس السياسي والإعلامي الداخلي والخارجي مريباً ويمثل انحرافا للبوصلة الوطنية الفلسطينية عن هدفها الذي يجب أن لا تحيد عن القيم والسلوك الوطني لمختلف القوى الفلسطينية، من خلال سياساتها ومواقفها الآخذة في التماهي والتساوق مع المخططات الصهيونية الأمريكية، الهادفة إلى ضرب نسيج الوحدة الوطنية والانقلاب على النظام السياسي الفلسطيني وحصاره، والسعي إلى اختزال فلسطين بحدود قطاع غزة، الذي يساوي أقل من واحد بالمئة من مساحة فلسطين، لتسهم مباشرة مع العدو الصهيوني الأمريكي بتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، وإسقاط البرنامج المرحلي للنضال الوطني، والذي هو محل إجماع كافة القوى والفصائل الفلسطينية.
حماس التي رفضت أن تكون جزءا من مكونات م.ت.ف منذ النشأة والتأسيس وإلى الآن، رغم سقوط كافة ذرائعها الكاذبة والتبريرية التي كانت تتغطى بها وتخدع الجماهير كونها حركة مقاومة ترفض كل أشكال التسوية مع العدو، وأنها ستواصل المقاومة حتى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر دفعة واحدة، هذا الشعار الاستراتيحي للثورة الفلسطينية التي ادعت تمسكها به، قد ألحقت به التشويه من خلال ممارساتها الحقيقية، فيما يخص موقفها من الوحدة الوطنية، ثم من خلال علاقاتها المشبوهة مع جماعة الإخوان المسلمين وارتباطاتها الدولية مع كل من قطر وتركيا وإيران ووضعها القضية الفلسطينية في سوق الاستقطابات الإقليمية والدولية،... لتجد نفسها متساوقة مع خطط تنفيذ صفقة القرن الصهيو أمريكية، ومقدماتها المتمثلة بتوافقاتها مع العدو تحت بدع ومسميات جديدة من هدنة وتهدئة وتفاهمات لضبط العلاقة بينها وبين العدو ومشاريع مشبوهة، لهدف لا يتعدى استمرار حكمها لقطاع غزة، وهنا تتحقق رغبة العدو بتأكيد فصل قطاع غزة ومستقبله ومصيره عن مستقبل ومصير بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وترسيم إمارة ظلامية فيه تتبع لجماعة الإخوان المسلمين الدولية..، وتصبح القضية الفلسطينية ورقة في يد هذه الجماعة وحلفائها..!
إن هذا السلوك السياسي الشاذ والانفرادي والانعزالي لحركة حماس (والذي أسسته على قاعدة التخوين والتكفير للآخرين، لتبرير انقلابها على النظام السياسي الفلسطيني، وتشويه التاريخ النضالي لـ م.ت.ف وعلى رأسها حركة فتح) كل ذلك للتغطية على انحرافها الوطني الذي بات اليوم مكشوفا للقاصي والداني...
في هذا السياق، يأتي اتهامها اليوم لجهاز المخابرات الفلسطينية بالاشتراك بتصفية الشهيد بهاء أبوالعطا قائد سرايا القدس في شمال غزة، الذي كان يسبب لها الإزعاج في علاقاتها المتنامية مع العدو، ويكدر أمنها، ويهدد استمرار تفردها وتحكمها في قطاع غزة، من خلال عدم التزامه بتفاهماتها مع العدو، ومواصلته إطلاق الصواريخ عليه...!
إن مثل هذه الاتهامات تكشف عن مدى السقوط والانحراف الأخلاقي والسياسي الذي وصلت إليه حركة حماس وهي المتواطئة مع الاحتلال في جريمة اغتيال الشهيد أبو العطا، هذا ما يعرفه القاصي والداني، وحركة الجهاد وذوي الشهيد الذين رفضوا استقبال محمود الزهار في بيت العزاء...
يأتي هذا الاتهام ليفسد الأجواء الوطنية الداخلية الإيجابية، التي بدأت تستعيد شيئا من التوافق الفصائلي والوطني بغرض إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية، التي دعا إليها الرئيس محمود عباس من أجل استعادة الوحدة الوطنية وإخراج النظام السياسي الفلسطيني من مأزقه...
كل ذلك كي تستمر حماس بتفردها بعيدا عن الكل الوطني في التحكم بقطاع غزة، ولتعقد الصفقات الانفرادية المشبوهة مع العدو تنفيذا لفصول صفقة العار.
** **
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني
E-mail: pcommety @ hotmail.com