مع نهاية الفصل الدراسي الأول من كل عام وبداية العطلة تتعالى أصوات الآباء والأمهات قبل الأبناء والبنات: ماذا سنفعل في العطلة؟ وهذه المعضلة رغم مرور عشرات السنين لا زالت تؤرق المجتمع كله خاصة من انطلاق المرأة إلى سوق العمل لتصبح شريكة الرجل في التنمية وتحقيق الإنجازات.
وإن كانت عطلة هذا الفصل تختلف اختلافًا كليًا عن عطلة السنوات الماضية في كونها عادت مرة أخرى لتصبح أسبوعين كاملين بعد أن كانت مقتصرة على أسبوع في منتصف الفصل وأسبوع في نهايته، ورغم قصر المدة إلا أنها أيضًا كانت مشكلة المشكلات التي تواجه الأسرة كلها حتى أن بعض الأسر كانت تحتفظ برصيد الإجازات الخاصة بها حتى يتفق مع عطلة الأبناء.
إن الدور الذي يجب أن تلعبه الدولة ممثلة في وزارة التعليم والهيئات والمؤسسات الأخرى لا يقل بأي حال من الأحوال عن دور الأسرة في شغل وقت فراغ الأبناء خلال العطلات سواء منتصف الفصل أو نهاية العام الدراسي؛ وإن كان الدور الأكبر يقع على عاتق وزارة التعليم والتي من المفترض أنها قد أعدت برامج متعددة تستقطب من خلالها هؤلاء الأبناء وتعظم ما لديهم من معارف ومهارات خارج نطاق المقررات الدراسية.
ولعل أندية الأحياء تمثل النموذج الذي يمكن أن يساعد الوزارة على تحقيق أهداف الاستفادة من هذه الأوقات، وذلك من خلال خطة تفعيل تشمل برامج عدة على مدار السنة كاملة وليس خلال العطلة فقط تربط بين الطلبة وأنديتهم فيصبح توجههم إليها خلال العطلة شيئًا مألوفًا وليس لحظيًا أو مؤقتًا. وينبغي لهذه البرامج أن تكون متنوعة سواء في مجال التقنية أو الثقافة أو المهارات أو غيرها، وكذلك ينبغي أن تكون مرتبطة ببيئة الطلبة أنفسهم بحيث تمثل عامل جذب لهم وليس تنفيرًا من هذه البرامج، كما ينبغي أن تكون هذه البرامج متنوعة وتخدم فئات الطلبة جميعهم ومنهم ذوو الحاجات الخاصة.
كما يمكن الاستفادة من منشآت المدارس في العديد من الأنشطة الرياضية والثقافية التي يمكن أن يمارسها الأبناء مثل: دوري لكرة القدم والسلة واليد وتنس الطاولة والشطرنج وغيرها من الألعاب المحببة لهم، إضافة إلى المسابقات الثقافية والاستفادة مما تحويه مراكز مصادر التعلم (المكتبات المدرسية والجامعية)، كما يمكن إشراك أولياء الأمور أيضًا في هذه الفعاليات.
وإن كان هذا الدور وغيره الكثير مما يمكن أن تقدمه وزارة التعليم، فإن هناك وزارات وهيئات أخرى لها الدور نفسه والأهمية نفسها، وربما لا يتسع المجال هنا للكتابة عن كل هذه الهيئات ولكن على سبيل المثال، فإن وزارة الثقافة لها دور كبير في إعداد الفعاليات المحببة للطلبة سواء من معارض كتب أو ندوات أو مسابقات أو....، وكذلك وزارة السياحة في إعداد برامج لزيارة المناطق السياحية في المملكة، وأيضًا الهيئة العامة للرياضة وأنشطتها المتنوعة، والهيئة العامة للترفيه، ووزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ووكالة الوزارة للتعليم العالي، ولا يمكن أن ننسى في هذا المضمار دور المكتبات العامة وأثرها على المجتمع كله.
إن استثمار أوقات فراغ الأبناء؛ وحسب كل الدراسات الاجتماعية والنفسية والشرطية تقلص من فرص الانحراف السلوكي أو العقائدي، بل وتحمي الأبناء من الوقوع فريسة سهلة لأعداء الوطن والمتربصين به، ورغم مرور أيام عدة على بدء العطلة إلا أن ما مر يمكن تداركه بسرعة والانطلاق ببرامج عدة بعد التنسيق بين الوزارات والهيئات المعنية.
** **
Sherifelatrbi1967@yahoo.com