خالد بن حمد المالك
تتصرف إيران بأعمالها الإرهابية، باعتباره سلاحها وقوتها لإخافة الدول الأخرى من أي اعتراض على سلوكها العدواني التوسعي ضد كل من يعارض سياساتها، وبتعاملها هذا تمكنت من تحييد دول العالم على مدى أربعين عاماً من أي رد فعل على ما قد تكون مارسته من أعمال إرهابية، إما بدعم وكلائها للقيام بذلك، أو أن يكون تصرفًا مباشرًا منها، كما فعلته أمس بإطلاق عدد من الصواريخ باتجاه القواعد الأمريكية في العراق، دون احترام لسيادة واستقلال العراق.
* *
وما كان لإيران أن تتخلى عن سياساتها الإرهابية، لو استمر تجاهل العالم لأدوارها في زعزعة الاستقرار في دول المنطقة، وامتداداً إلى عدد من الدول خارج منطقتنا، لكن مقتل يد إيران القوية في تنفيذ العمليات الإرهابية المجرم قاسم سليماني وإنهاء دوره في قتل الأبرياء من المدنيين، والتدخل في شؤون الدول، وتمويل طهران للعملاء وكلائها في أكثر من دولة عربية، سوف يجعل تماديها في تنفيذ العمليات الإرهابية محدوداً في المستقبل.
* *
فقد حوَّلت طهران أراضي لبنان وسوريا واليمن والعراق وغيرها إلى ساحات حرب، مستعينة ببعض مواطني هذه الدول، عملائها في الإجرام، في تنفيذ مخططاتها، والتلويح على المكشوف بضرب كل من يعارض هذه السياسة، وكل هذا كان يتم على مسمع وعلم دول العالم، والمنظمات الدولية، دون وجود أي حراك أو تصرف يمنع إيران من مواصلة إيذاء جيرانها وغيرهم، حتى جاء الرئيس ترامب، فقلَّم أظافر الأيدي التي تلطخت بدماء الأبرياء، بقتل رئيس الفتنة، ومصدر الشر، السفاح الإيراني قاسم سليماني.
* *
وإيران من هول الصدمة، وحجم الخسارة، والضغط الشعبي، لم يكن أمامها من خيار لتتعامل مع هذا الدرس، إلا على نحو سلبي، وبقرار أرعن، وتصرف غير مسؤول، فكانت صواريخها العبثية باتجاه القواعد الأمريكية، وكأنها قد أطلقتها أمس لحفظ ماء الوجه ليس إلا، ما يعني -ربما- أننا أمام جولة جديدة من المواجهة بين طهران وواشنطن، وهزيمة وإذلال جديدين لإيران والنظام الفارسي المجنون.
* *
دعونا من كل هذا، فالمنطقة بدولها وشعوبها، بما في ذلك الشعوب في الدول العربية التي تحكم إيران السيطرة عليها، لم تكن في يوم أسعد من هذه الأيام التي أُرغم فيها النظام الإيراني على ابتلاع السم، وأُرغم على علق التراب، كما كان هذا حال المقبور الخميني، عندما أعلن عن طبيعة قبوله بالهزيمة المذلة، وإيقاف القتال في حربه مع صدام حسين، رغم أن هذه الشعوب المغلوب على أمرها لم تعبِّر عن فرحتها بمقتل سليماني بما فيه الكفاية خوفاً من بطش النظام الإيراني والحشد الشعبي.
* *
ولعل المخدوعين بالسياسة الإيرانية، وبالمواقف الإيرانية المتهورة من التطورات في منطقتنا وفي العالم، يعيدون النظر في قناعاتهم، ويراجعون مواقفهم من الدعم المعنوي لنظام معزول ومهترئ، وينتقمون ممن كانوا سبباً في حصار شعبه وفقره وجوعه، والتخلي عن قدرته في الخروج عن طاعة هذا النظام القاتل، أو الاعتراض على سياسته التي أوصلت إيران إلى هذا الحد من التدهور في التنمية والاستقرار وبناء الدولة الحديثة، فمقتل قاسم سليماني يفتح الطريق لشعب إيران ليقول كلمته بشجاعة وإقدام، دون خوف من سلاح النظام المسلَّط على رقابهم.