فضل بن سعد البوعينين
تكتسب منطقة الخليج أهمية قصوى لأسواق النفط والدول المستهلكة لاستحواذها على أكثر من 20 % من الإنتاج العالمي، وتأثيرها على الأسواق والأسعار التي تغذيها المتغيرات الجيوسياسية، والتهديد المباشر لمضيق هرمز الذي يمر عبره خُمس إنتاج العالم من النفط.
وبالرغم من ارتفاع أسعار النفط بعد عملية اغتيال قاسم سليماني التي نفذتها القوات الأمريكية، وعملية إطلاق الصواريخ الإيرانية على قاعدتين أمريكيتين في العراق، إلا أنها عادت إلى ما دون 70 دولارًا بسبب قناعة الأسواق بمحدودية عمليات المواجهة المنفذة، وربما توقفها عند الهجوم الأمريكي الأول، وردة الفعل الإيرانية التي وُصفت بأنها لـ»حفظ ماء الوجه»! أي مواجهه عسكرية نوعية ومستدامة ستتسبب لا محالة في ارتفاع قياسي لأسعار النفط؛ ما قد يؤثر سلبًا في الاقتصاد العالمي، وربما أدى إلى انفجار فقاعات مالية واقتصادية عالمية.
تعلم إيران حجم الدمار الذي يمكن أن يطولها من القوات الأمريكية؛ ما يجعلها أكثر تحفظًا في هجماتها الانتقامية المباشرة. ولكن ماذا عن انتقامها من خلال وكلائها في المنطقة، ورد الفعل الأمريكي المتوقع على ذلك؟!
تتوجس الدول الخليجية من تحويل المنطقة إلى ساحة للمواجهة العسكرية التي يمكن أن تقوض اقتصاداتها، وتتسبب في تعطيل التنمية، خاصة إذا ما اعتمدت الاستراتيجية الأمريكية على عمليات الاستنزاف طويلة الأمد التي تتخذ من العقوبات الاقتصادية قاعدة لها، مع بعض الضربات العسكرية التي لا يمكن أن تسهم في تغيير النظام الإرهابي في إيران. أكثر ما تخشاه دول الخليج هو إشعال فتيل المواجهة، ثم ترك المنطقة لمواجهة صراع عسكري لم تكن سببًا في نشوبه، وربما انسحاب أمريكي ممنهج يتسبب في نشر الفوضى والدمار في أرجاء الخليج. وما لم يتحقق في استراتيجية «الفوضى الخلاقة» يتم تنفيذه بالمواجهة العسكرية المفتوحة.
قطع يد إيران، ومحاسبتها على جرائمها البشعة، وتغيير نظام الملالي، هو ما يبحث عنه الجميع. ويبقى السؤال الأهم هو: هل تسعى أمريكا لتحقيق ذلك حماية للمنطقة والعالم؟
تسعى المملكة إلى التهدئة، ونزع فتيل الأزمة في المنطقة، وخفض التوتر فيها. وهو الموقف الذي نقله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للرئيس العراقي برهم صالح. لا أحد يرغب في الحرب، والجميع يبحث عن الأمن والتسويات السياسية العادلة. دعم الاستقرار يتطلب الكثير من العمل الدبلوماسي والحلول السياسية، ووضع استراتيجية متكاملة لتحقيق أمن الخليج، ومواجهة إيران وفق القانون الدولي، وتطبيق قوانين دعم وتمويل الإرهاب الذي تمارسه إيران على نطاق واسع. ترك إيران لممارسة أنشطتها الإرهابية في اليمن والعراق ولبنان وسوريا ودول الخليج هو الذي فاقم الأزمة، وتسبب في فقدان الأمن ودمار الدول. ما تحتاج إليه المنطقة اليوم هو قطع أذرع إيران الإرهابية، وتجريم ميليشياتها، وفرض القوانين الدولية عليها للحد من تدخلاتها في الدول العربية، وتحويلها إلى منصة إرهابية لتنفيذ عملياتها القذرة من خلالها، وحماية منطقة الخليج التي تتحكم في خُمس إنتاج النفط العالمي، وتستحوذ على الجزء الأكبر من الاحتياطيات العالمية الموثقة.