مها محمد الشريف
لا أحد يستطيع أن ينفي اليوم أن ما كانت تفعله إيران من دعم لحماس هو بمثابة ورقة ضغط تبتز بها أمريكا وإسرائيل لكي تأخذ موقع لنفسها بالمنطقة، تنتهج بذلك سياسة تطويع الخونة واستغلالهم - خونة الأوطان - بعمل دؤوب استمر لسنوات طويلة بداية من رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، إلى مشعل والزهار، فهي زعيمة الإرهاب الدولي وقد ملأت السماء العربية بدخان البارود ورائحة الدم.
وبعد ذلك بدأت، لعبة الولاء للنظام الإيراني من حماس، حيث اعتبر هنية أن «جريمة اغتيال الفريق سليماني بلطجة وعنجهية وإجرام من الولايات المتحدة الأمريكية»، واصفًا مقتل سليماني بـ»جريمة نكراء تستحق من كل العالم الرفض والإدانة والعقوبة»، وكان على رأس وفد من الحركة يضم موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس وعدد من قيادات الحركة يعزون في مجرم قتل الكثير من العرب ويعزون فيه بلا شرف.
وطبيعي أن نشاهد مجموعة من هذه العينات التي تتسابق إلى طهران، مثل خالد الأزبط، الناطق باسم حركة المقاومة الشعبية، مرددين: «سنبقى الأوفياء مع هذا القائد الشهيد، سنبقى الأوفياء وكل محاور المقاومة في المنطقة سيكون وفياً لهذه الدماء الطاهرة»، وفق وصفه. ولكم مزيد من الأسماء التي تشهد لسليماني بالتقوى والصلاح، وهذا ما قاله نائل أبو عودة، قيادي في حركة المجاهدين الفلسطينية: «لن يكون الشهيد سليماني آخر الشهداء في هذه المعركة».
بدوره قال رامز الحلبي قيادي في حركة الجهاد الإسلامية «كرامتنا من الشهادة.. وأكرم الله قاسم سليماني بالشهادة»، لم يكن رد فعل حماس منفرداً، تجاه هذا المجرم القاتل، فقد رافقهم كثير من المحسوبين على العرب وزير قطر وأردوغان حارس الفضيلة المزعومة وقاتل أطفال سوريا.
إن إلقاء نظرة شاملة على المشهد العام بعد مقتل سليماني وعدد من عصابته، في الوطن العربي كان أيضاً لشخصيات سياسية لبنانية موقف مساند لنظام إيران، بتقديم الرئيس عون عزائه في فقيدهم النافق سليماني وقدمها عبر وسائل الإعلام بمزيد من الحزن والأسى لكي يظهر مشاعره لعضيده حسن نصر الله، مما أظهر لنا وللعالم بصورة أكثر عمقاً وأوسع شمولاً سياسته المخترقة من إيران، كقطع شطرنج يجري تحريكها.
لعل أبرز ما يمكن أن يلاحظه العالم عبر وسائل الإعلام دعوة بنت سليماني، الموجهة لبقية المحسوبين على العرب بالثأر لوالدها، من بشار الأسد ونصرالله وعبدالملك الحوثي وإسماعيل هنية ولم تطالب نظامها خامنئي وروحاني وظريف والحرس الثوري، كما هو معروف نصب الفخ للعرب ليدخلوا بإعلامهم ساحة الحرب. تطالب بحرق الرؤوس العربية لتبقى إيران عبر أذرعها تواجه أمريكا على أرض العراق وسوريا ولبنان، الأمر الملفت للنظر أن استغلال الفرص من قبل النظام الإيراني سارية المفعول وجاري حبكها ضد خصومها في جميع الأحداث بلا استثناء.
فالمؤرخون عندما يؤرخون الحوادث يذكرون جميع التفاصيل بما فيها، مشاعر الشعوب العميقة عطفا على ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن «عشرات العراقيين الذين يشاركون منذ أكثر من ثلاثة أشهر في حركة الاحتجاج ضد السلطات العراقية والنفوذ الإيراني في بلادهم، تجمّعوا صباح الجمعة في ساحة التحرير في وسط بغداد، وهم يغنون ويرقصون بعد انتشار خبر مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني».
كذلك عبّر الكثير من الناشطين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، عن سعادتهم بمقتل القيادي الإيراني ووزع العديد من الأطفال والشبان الحلوى في شوارع أرياف حلب وإدلب على المارة، تعبيرا عن مدى سعادتهم لقيام الولايات المتحدة الأمريكية بهذه الخطوة.
كانت التقارير أشارت إلى حجم جرائم سليماني قائد فيلق القدس في سوريا أيضاً، والذي تتبع له عدة ميليشيات منتشرة في مناطق النظام السوري، والتي ساندته وقاتلت إلى جانبه ضد السوريين، وشاركت بقمع الثورة السورية، وعمليات الاعتقال والقتل، وتهجير المدنيين، واستحدثت مقرات لها ومارست التجارة غير الشرعية كعمليات تهريب البشر والمواد النفطية والغذائية من وإلى العراق، فقد فعلوا الكثير، ورحل سليماني كشخص بقصة دامية، ولكن بقيت أنظمة الحكم العربية المخترقة تتسكع أمامنا على وشك الوقوع نتيجة ما تخططه لها إيران.