عبد الله سليمان الطليان
لم أطلع كثيرًا على تاريخ الصين، خاصة في عهد الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ولكن من خلال قراءة رواية (بجعات برية ودراما الصين في حياة نساء ثلاث) للكاتبة يونغ تشانغ في بي بين تمكنت من التعرف على جزء بسيط من تاريخ ذلك البلد العظيم.
توقفت في الرواية عندما سردت الكاتبة بعض الأحداث الواقعية التي منها تحديدًا بين عام 1959 إلى عام 1961م حيث اجتاحت المجاعة الصين بشكل مخيف، التي حملت فيها الكاتبة سبب هذه المجاعة إلى سياسة ماو التي اتبعها في ذلك الوقت، وعانى فيها الشعب الصيني الشيء الكثير، التي لم توثر في عزمه على التغلب على واقعه، والاستسلام لتلك المعاناة.. فمع مرور الزمن راح يكافح معتمدًا على نفسه، وأصبح الآن في عصرنا الحاضر عملاقًا اقتصاديًّا منافسًا للاقتصاد الأمريكي الذي يسعى بكل قوة نحو السيطرة على الاقتصاد العالمي, ورأت فيه أمريكا أن هذا خطر يهددها؛ فسعت بكل قوة نحو سياسة الاحتواء من أجل الدفاع عن المصالح والنفوذ الاستراتيجي؛ فسعت إلى افتعال الأزمات، وعقد تحالفات مع دول مجاورة للصين، وجرها لسباق تسلح عسكري من أجل إنهاك اقتصادها، والحد من نموه. وهذا واضح للكثير من المطلعين.
الشيء الذي يهمنا هنا هو الفارق بين سِجل أمريكا والصين في مجال السيطرة الاقتصادية التي تقوم بها الشركات الكبرى في كلا البلدين. نلاحظ أن سجل الشركات الأمريكية مُخزٍ؛ لأن هدفها منصبٌّ على تحقيق مطامع جشعة، تأتي على حساب اقتصاديات بعض الدول النامية. وهذه السياسة ليست حديثة، بل إنها ممتدة منذ أزمنة عديدة. ولعل أقرب مثال لذلك التحكم الجشع والاستغلال هو ما قامت به الشركات الأمريكية في اقتصاديات بعض دول أمريكا الجنوبية، مثل السلفادور والإكوادور وهندوراس، وكشف بعضًا منه الكاتب جون بيركنز في كتابه (قراصنة الاقتصاد), معتمدة في تحقيق ذلك على أساليب ووسائل غاية في الدهاء والمكر، تأتي عبر الجانب السياسي والحربي، هي بعيدة عن الأخلاق والمثل والقيم التي يُنادى بها عبر وسائل الإعلام الأمريكية المسيَّرة، التي تخدم في مجملها الجانب الاستعماري الخفي. هذه الأساليب تقوم على افتعال أزمة داخلية، أو تقليص قروض، أو قطعها، أو صناعة عدو. إننا لو اطلعنا على سجل الشركات الصينية فإنه أبعد من ذلك؛ فهذه الشركات تقدم المساعدات المالية والصناعية والعلمية على نحو كبير دون أن يكون هناك أي طمع ذي نزعة استعمارية لتلك الدول التي تتلقى الدعم والمساعدة.