د. عبدالرحمن الشلاش
هذه العبارة الواردة في العنوان هي وغيرها واحدة من عبارات وأسئلة توجَّه لأي واحد أو واحدة منا في المناسبات، ومنها بطبيعة الحال الأعياد.
في المناسبات نذهب من أجل التواصل، وفرصة للقاء مَن منعتنا الظروف من الالتقاء بهم منذ سنوات أو شهور بسبب ظروف الحياة، أو تباعد المسافات، ونحن نحمل أيضًا في ذهنيتنا الكثير من الصور الجميلة التي نتمنى أن تتحقق في اللقاء المنتظر أو الحلم، ومنها السؤال عما حققنا وأنجزنا، وطرح بعض الذكريات الجميلة، وتفقُّد أحوال من لديهم معاناة لمساعدتهم على مواجهة ظروفهم.
فرصة جميلة للحديث حول أمور تحبها النفس، وتهواها، وتميل إليها، تجعل من اللقاء ممتعًا، نتمنى تكراره كثيرًا!
للأسف كثير من اللقاءات يحصل فيها أشياء منفرة، لا تشجع على الحضور، وقد يقرر بعض الحاضرين بمجرد نهايتها عدم الحضور مرة أخرى. وما يؤكد هذا أنك تفاجأ في لقاء العائلة مثلاً بغياب عدد لا يستهان به من أفرادها بحجة أن لديه ظروف، وتحت هذه الظروف تندرج تفريعات لا نهاية لها، مثل «عنده شغل أو مسافر» أو أي عذر حتى ولو كان من الأعذار غير المنطقية، بينما الواقع غير ذلك!
هناك من لديهم حساسية من نوعية تلك الأسئلة أو التدخل في الخصوصيات، وهناك من ينفرون من بعض التصرفات، مثل استخفاف الدم من أشخاص يرون التعليق والانتقاد على هذا أو ذاك من باب الدعابة والنكتة وإضحاك الحضور لإضفاء مزيد من المتعة والتسلية غير مدركين أن هذه الأساليب الممقوتة ما هي إلا رقص ممجوج على جراح الآخرين.
المفروض أن يكون اللقاء في إطار عام، لكن بعض الفضوليين ينزلق بطريقة فجة و»شرافة غريبة» للغوص في شخصيات الآخرين، وملابسهم، وظروفهم العامة والخاصة، وأشكالهم، وتفاصيلهم، ونوعية أكلهم وشربهم.. وتأخذ هذه التحقيقات زوايا جانبية مترعة بالفضول؛ لتنهال عليك الأسئلة من حيث لا تحتسب! «عسى ما أنت مريض! ليه ناقص وزنك عسى ما عندك سكر؟ هذا ولدك ليه صاير دب؟ انتبه لا يجيه السكر! ليه ما كملت دراستك؟ عيالك ليه ما جبتهم معك؟».. هذا طبعًا إذا ما أخذت التحقيقات الفضولية الكريهة منحى الغوص العميق لتفاصيل التفاصيل، أو الحش من وراء الظهر مع نظرات مريبة ومؤذية للمقصود بالحش! «هذا قصير، وذاك كرشه كبير»..
هذه السلوكيات، وغيرها كثير، سبب لفشل بعض الاجتماعات، أو عزوف كثيرين عن حضورها.
لو قلبت المعادلة، وركزنا على الأمور الإيجابية بعيدًا عن خصوصيات الآخرين أو تجاربهم المريرة، وكان الترحيب هو السائد، تصوروا كيف سيكون حال تلك اللقاءات؟