اهتمت الاتجاهات الإدارية الحديثة بالسلوك التنظيمي للمؤسسات، وضرورة انتماء الأفراد للعمل؛ إذ تسعى المنظمات إلى تحقيق التوازن بين الاهتمام بإنجاز الأعمال تحقيقًا للأهداف من جهة، وإشباع حاجات الأفراد المادية والمعنوية وطموحاتهم السلوكية والتزامهم من جهة أخرى؛ ليكون الفرد جزءًا فاعلاً في المنظمة، وكذلك التغلب على شتى السلبيات الوظيفية في مهامهم إزاء المنظمة التي يعملون بها، أو إزاء أنفسهم.
أدت السلبيات الوظيفية لظهور أنماط من السلوك التنظيمي السلبية. ويمثل الاغتراب الوظيفي أحد هذه السلوكيات المتعلقة بالأفراد، والمنظمة التي يعملون بها، التي تحد من تقدمهم وتطورهم؛ فكلما ازداد ظهور سلوك الاغتراب ازدادت الفجوة نحو العلاقة بين الفرد وذاته، وبين الفرد والمنظمة.
ويعد مفهوم الاغتراب الوظيفي من المفاهيم الغائبة عن الكثير من المنظمات، بالرغم من آثاره السلبية.
ونتيجة لآثار الاغتراب الوظيفي على المؤسسات عامة، والتربوية منها على وجه الخصوص، فقد زاد الاهتمام بدراسة هذا المفهوم من قِبل الباحثين في مجالات الإدارة والسلوك التنظيمي؛ فالاغتراب يرتبط بانفصال الشخص عن عمله لشعوره بضعف الرابط الذي يحفزه لهذا العمل، وأنه غير قادر على الانسجام مع نفسه، أو مع محيط المنظمة. وقد أظهرت نتائج دراسات تربوية عدة أن من أهم أسباب شعور المعلمين بالاغتراب الوظيفي في المدارس تدني راتب المعلم، وغلاء المعيشة، وعدم الارتقاء بعدالة السلم الوظيفي، وانتشار الوساطة والمحسوبية، واكتظاظ الصفوف بالطلبة.
تهتم المنظمات الناجحة بالاستفادة من مواردها البشرية؛ لأنها العنصر الفعّال الذي يحقق أهداف المنظمات؛ لذلك تسعى المنظمات لإيجاد بيئة سليمة للعمل من خلال إشباع الحاجات السلوكية للأفراد في المنظمة. ويتفق ذلك مع ما أشارت إليه أهداف خطة التنمية العاشرة بالمملكة العربية السعودية من ضرورة تحسين البيئة التعليمية المحفزة على الإبداع والابتكار، وضرورة المشاركة لمنسوبي المدرسة في التخطيط لتنفيذ البرامج؛ إذ إن المدرسة تعد مستوى الإدارة التنفيذية بالوزارة (وزارة الاقتصاد والتخطيط، خطة التنمية العاشرة 2015).
وينبغي للحد من الاغتراب الوظيفي لدى معلمات رياض الأطفال القيام بالآتي:
- التعاون بين إدارات رياض الأطفال في وزارة التعليم مع الجامعات التي تعد معلمات رياض الأطفال لربط النظرية وما يتم تدريسه من مقررات مع التطبيق في الواقع الميداني.
- إتاحة الفرصة لمعلمات رياض الأطفال للترقية والنمو الوظيفي، وتوليهن مناصب إدارية متقدمة.
- العمل على توضيح المهام الوظيفية، ومعايير وضوابط العمل في رياض الأطفال واللوائح والأنظمة، والحد من كثرة التعميمات المتعارضة من قِبل إدارات رياض الأطفال.
- قيام إدارات رياض الأطفال بتقدير أداء المعلمات، والاهتمام بوضع أسس موضوعية لأساليب التحفيز في العمل؛ لتحسين رضاهن الوظيفي، والحد من تسربهن.
- التحري الدقيق في اختيار القائدة أو المشرفة التربوية في رياض الأطفال، وتحقيق مبدأ التوازن في العلاقات مع المعلمات في العمل.
- إجراء دراسات ميدانية بين فترة وأخرى لتحديد أسباب الاغتراب الوظيفي في المؤسسات التعليمية، وسُبل التغلب عليها.
- تكوين قيادة إدارية، تتضمن متغيرات إيجابية تجاه معلمات رياض الأطفال وأنشطتهن المختلفة؛ وهو ما يرفع من مستوياتهن الوظيفية، وكذلك توفير روح التعاون وبناء علاقات إيجابية محفزة للعمل.
- تجنب الازدواجية في العملية الإشرافية، واتباع نظام موحد لجميع أقسام الإشراف، وتعزيز مبدأ الثقة والتمكين، وروح الحوار للمعلمات، وإتاحة الفرصة لهن للتعبير عن آرائهن بحرية لتحقيق الابتكار والإبداع في أدوارهن في رياض الأطفال.
- تنظيم العمل بين معلمات رياض الأطفال لتحقيق الأهداف المنشودة، وتجنب الأعمال الروتينية.
- دعم معلمة رياض الأطفال، والوقوف إلى جانبها من أجل استمرارها في تأدية مهمتها في العطاء لتطوير العملية التعليمية، ومواجهة المشكلات في إطار عملها، وكذلك تلمس احتياجات المعلمات التدريبية، والعمل على تطويرهن.
- توعية معلمات رياض الأطفال بأهمية المشاركة في المناسبات الاجتماعية والوطنية والثقافية.
- ضرورة انتقاء معلمات رياض الأطفال وفق معايير علمية محددة، وإجراء اختبارات الميول المهنية لهن.