مهمة أي كاتب أن يتطرق لإشكاليات المجتمع الذي يعيش فيه؛ لأن المقالات الاجتماعية أكثر فائدة للقراء، وتلامس مشاكلهم الاجتماعية. ولا يشترط على الكاتب أن يأتي بالحلول، إنما يطرح الموضوع؛ ليوجِّه الرأي العام لحل الإشكالية، وحتى يطلع عليه كل ذي لب، وكل مسؤول، وأصحاب الاختصاص؛ ليت ولعل أن نجد الحل الناجع، أو نستطيع أن نبدأ مشوار الحل..
من إشكاليات المجتمع في هذه الأيام، التي أعتقد أن لا يخلو منها منزل، ولا تخلو منها عائلة، هي مشاكل الطلاق. ولنبحث في هذا المقال بعض الأسباب حتى نستطيع أن نعالج السلبيات..
أكثر ما يزعجنا جميعًا تنامي نسبة الطلاق بشكل يدعو للاستغراب في مجتمع إسلامي كمجتمعنا، يعلم نتائج الطلاق، وأنه سبب لتفكك الأسر، وضياع الأبناء، والفرقة بين الأقارب، وقطيعة صلة الرحم..
وقع في يدي إحصائية لمحاكم السعودية لعام 1417 هجريًّا، وفيه سُجلت 53 ألف حالة طلاق، بمعدل 149 حالة طلاق في اليوم الواحد، فضلاً عن أن هناك حالات لم تصل إلى المحاكم بعد؛ ولم تُسجل.. أي كل 10 حالات زواج تقابلها 3 حالات طلاق. وأنا متأكد أن هذه الإحصائية زادت في السنوات الأخيرة..
هناك دراسات علمية، ركزت على أسباب عدة لهذه المشكلة. من تلك الأسباب: بخل الزوج.. فالمجتمع أصبح ماديًّا، تهمه الماديات أكثر. وكذلك كثرة الانتقادات للزوجة، أو التقليل من شأنها.
ومن الأسباب أيضًا لهذه المشكلة أن الزوجة قد تكون من عشاق قنوات التواصل الاجتماعي، وتجلس ساعات طويلة عليها..
وأفدح ما يؤدي للطلاق التدخلات الأسرية بين الزوجين من أسرتَي الزوج والزوجة، حتى وإن كان التدخل من الوالدين أو الأبناء أو الإخوان والأخوات والأقارب.. وكذلك عدم وجود التفاهم والتناغم بين الزوجين، وعدم التحلي بالصبر مع المتغيرات الحياتية..
ولا ننسى الغضب وسرعة الانفعال، وكذلك تغليب أحد الزوجين مصلحته الفردية، وعدم التشاور والتعاون وتغليب مصلحة الآخر، وسوء العشرة، وبذاءة اللسان..
ويسبب الطلاق ضررًا بالغًا بالأسرة، خاصة الأطفال، وتفككًا أسريًّا عامًّا بسبب المنازعات والخصومات عبر المحاكم؛ لأنه قل أن تجد مَن يعرف ما له وما عليه، ويؤدي ما عليه من حقوق بدون محاكمة..
ومن أسباب الطلاق كذلك إفشاء المشكلات الزوجية، وعدم احتوائها، وإدخال أطراف خارجية، قد تكون سببًا في زيادة تلك المشاكل، والتدخل غير الحكيم؛ وهو ما قد يزيدها تعقيدًا، ولا يحلها..
وأيضًا عدم التكيف مع الظروف المعيشية، خاصة في أيام الضيق والشدة..
الحياة مدرسة، وقد يعصف بالأسرة عواصف مادية لظرف من الظروف، وليس لدى الأسرة دراية بكيفية إدارة هذه الأزمة بأمان؛ لذا يجب تربية الأبناء على الإنفاق المتوازن، وترسيخ مبدأ القناعة لديهم؛ ليكونوا عونًا لوالديهم في استكمال مسيرتهم الحياتية؛ لأن الصرف على الابن بسخاء قد يُعجز الأب عندما تعصف به الظروف عن الوفاء بمستوى الإنفاق ذاته؛ وتقع المشكلة بعدم اقتناع العائلة..
ختامًا: آمل نشر الوعي المجتمعي بعواقب الطلاق الوخيمة، وأضراره، وما ينتج عنه من تشتت للأسر والأبناء وقطيعة رحم. وأسأل الله التوفيق للجميع.