عبدالعزيز السماري
أصاب بالحيرة حين يتحدث زعيم جماعة محسوبة على إيران عن الإرهاب والتطرف، وعندما يحاول اختزال هذه المعاني في جماعات تنتمي عقائدياً إلى السنة، برغم من نفي سلوكها من قبل الغالبية، ومصدر حيرتي رمي بعض زعماء جماعات التطرف المحسوبة على إيران مثل نصر الله والحوثي الآخرين بالإرهاب، بينما ما يفعلونه يدخل في تعريف الإرهاب..
ما يحدث في لبنان ومحاولة السيطرة على القرار ونبرة التهديد للمتظاهرين، وقبلهما دخول حزب الله إلى سوريا، والاقتتال مع الدكتاتور ضد الشعب يدخل من أوسع أبوابه في الإرهاب، برغم من محاولاتهم التي لا تتوقف في تغطية ذلك بمشاعر العداء لإسرائيل..
اتضح ذلك فيما صدر من استغلال طائفي لتزكية الفارسي قاسمي، فالحسين -كما يفكرون- استقبله على أبواب الجنة، بينما لم يحظ العراقي المقتول بنفس التزكية، وقد يكون لعرقه العربي سبب لانخفاض درجة استقباله في الجنة، وربما يدرك العراقيون المغزى من ذلك..
تتداخل أحكام الجريمة والثواب في هذه السيناريوهات، فتعريف البطل له علاقة بالأحداث والنصر والهزيمة والأيدولوجيا، ولهذا يظهر قاسمي في مشهد البطل الشهيد في إيران، بينما يعتبره الشعب السوري ومئات آلاف القتلى من الأبرياء في سوريا مجرم حرب وإرهابي نال عاقبته.
كذلك كان الحال مع كثير من الرموز الذين كانوا سبباً في إشعال الحروب العالمية والإقليمية، فالبطل قد يتحول بين ليل وضحاها مجرم حرب بعد أن كان رمزاً للبطولة، وربما تختزل هذه الصورة معنى الأيدولوجيا والميتافيزيقيا في التاريخ، وهو دليل أن الإنسان لم يتجاوز بعد ضيق أفقه ومحدودية مفاهيمه تجاه حقوق الآخرين.
الحياة الأسمى والمفاهيم الإنسانية النبيلة خير سلاح ضد الاستعمار الأجنبي، وذلك ما حدث في اليابان بعدما مزقتها القنبلة النووية، فالعاقل خصيم نفسه، وأن الحل يكون من خلال الالتزام بالمبادئ الإنسانية، والتخلص من نرجسيات الإيدولوجيا كما تبدو في كامل زينتها في إيران وإسرائيل..
ما يحدث في إيران بعد مقتل قاسمي هو استدعاء للطائفة المختارة، وذلك لتزكية مقتل زعيم حرب مات بسببه الكثير من الأبرياء، ولعلها مثال على أن الفروقات بين الجريمة والثواب في الإيدولوجيا تخضع لمبادئ ضيقة وحزبية وتخدم زعامات تستغل مثل هذه الطلاسم للسيطرة على عقول العوام وتوجيههم إلى الهلاك، مثلما ما حدث في كثير من تجارب الزعماء في تاريخنا المعاصر.
كذلك هو الحال مع قضية الإرهاب، والتي لا تخضع لمعايير إنسانية متفق عليها، ويستخدمها كل جانب من أجل نصرة جماعته مهما كانت أيديهم ملطخة بالدماء، وأخيراً أستطيع القول إن إسرائيل برمزيتها التاريخية قدم التاريخ نجحت في تسميم العقول ونقل هذه النظرة الضيقة إلى عقول شعوب المنطقة، فالعقل اليهودي الصهيوني يرى في كفاح أهل الأرض إرهابا وجريمة، وأن ما تفعله من قتل وتشريد هو إرادة الإله حسب مزاعمهم..!