م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. الإنسان مكوَّن من عقل وعاطفة وجسد. الجسد هو الوسيلة، أما العقل والعاطفة فهما المتحكمان اللذان يواجهان الجسد إلى الأمام، أو يرجعان به إلى الوراء، أو يقفان به في مكانه. وفي دروب الحياة لا مناص للإنسان من استخدام كلا الموجِّهين في المسير؛ إذ لا يمكن السير في الحياة بالعقل وحده، أو بالعاطفة وحدها، وإن فعل فستكون النتيجة حياة عرجاء غير متوازنة.
2. التكامل بين العقل والعاطفة لازمٌ لاستقرار النفس والحياة.. فالحياة ليست عقلاً فقط، كما أنها ليست عاطفة فقط. تكاد تجمع كل الأدبيات المنشورة على تمجيد العقل، والتقليل من أهمية العاطفة.. وهذا خلق إشكالاً نفسيًّا كبيرًا، وجعل أمر العاطفة أمرًا مسكوتًا عنه؛ لذلك تصب الدراسات المخصصة لها كلها في إطار العلاج النفسي، ولا تدخل ضمن مجالات التطوير البشري.
3. لو أردنا أن نبيّن الخصائص التي تقدمها العاطفة لوجدنا أن العاطفة هي بمنزلة الرادار للجسد بالنسبة لمن نريد الاقتراب منه أو النفور عنه.. وتؤدي دور المحفز الذي يدفع للحركة والاتصال والعمل.. فصلة العقل هي صلة مصلحة، أما صلة العاطفة فهي صلة ود وحب.
4. تجاهلنا لعواطفنا، السلبي منها والإيجابي، تجاهل مُضر بالنمو العقلي والنفسي للفرد مهما كان ذلك الفرد.. والنصائح التي توجَّه للجميع بمحاولة دفن مشاعرنا، ومنعها من أن تتحكم بنا وبتصرفاتنا، هي نصائح ضارة حمقاء.. فالمشاعر والعواطف هي أحاسيس حية، وكَبْتُها لا يميتها بل يبقيها حية، ويطيل من أمد حياتها.. فتستمر متأججة، تؤرقنا في منامنا، وتقبع في عقولنا الباطنة.. تنتظر اللحظة الحاسمة لتخرج ثائرة فزعة، وأحيانًا مدمِّرة.
5. لكن كيف يمكن أن نفك إسار عواطفنا، ونطلقها حرة في فضاء الحياة، بدلاً من كبتها؟ علماء النفس يوصون بضرورة إدراك طبيعة الشعور العاطفي الذي ينتابك. ويتم ذلك من خلال إدراك الإحساس الجسدي الذي يرافق الشعور.. مثلاً: الإحساس بجفاف الفم، وضغط الصدر، أو الصداع، أو آلام الرقبة، أو الإحساس بالغصة.. بعدها يتم تحديد السبب، هل هو القلق أم الغضب أم الحزن أم الإحباط أم غير ذلك؟
6. نجاحك في تحديد نوع الإحساس ومصدره يمنحك القدرة على رؤية المشكلة واتجاهها.. في هذه المرحلة لا تحاكم المشكلة بل حددها فقط مع محاولة للاسترخاء.. فربطك للإحساس العاطفي بالإحساس الجسدي يعطيك فرصة للتحكم.. فتستوعبها، وتدفنها أوتوماتيكيًّا دون معاناة؛ فتشعر بالراحة.
7. لنتذكر أن مشاعرنا تأتي سببًا لمحرض خارجي؛ فهي استجابة له.