سمر المقرن
في ظل التطوير الشامل الذي يشهده القطاع الثقافي بالمملكة، أعلن سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، عن إطلاق أول برنامج للابتعاث الثقافي، حيث تبدأ طلبات الالتحاق في 19 يناير الجاري، وهو يوفر فرصاً تعليمية ذهبية للطالبات والطلبة السعوديين، بدارسة ألوان من الفنون والثقافات التي لم يكن متاحاً دراستها من قبل في أبرز الجامعات العالمية بالخارج في مجالات حبلى بالجمال والسعادة، مثل الموسيقى والمسرح والفنون البصرية وصناعة الأفلام ودراسة الآداب وعلم الآثار والمتاحف والموسيقى والمسرح وحتى فنون الطهي.. ويدعم ثلاثة مسارات وهي: ضم الدارسين حالياً على نفقتهم الشخصية بالخارج لضمهم للبرنامج وفق لوائح وآليات محددة. والثاني من تقدموا من قبل بطلبات ابتعاث لدراسة الثقافة والفنون بالخارج ولديهم قبول من الجامعات المعتمدة، حيث سيتم ابتعاثهم عام 2020 بعد استكمال متطلبات البرنامج. وأخيراً لمن يرغب حالياً بتقديم طلبات جديدة للانضمام إلى البرنامج وتبدأ الدراسة في عام 2021 للمراحل الدراسية البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، لينهل أبناؤنا وبناتنا من بحر المعرفة والعلم وخيرهم الوفير، مما يسهم في تلبية متطلبات سوق العمل في التخصصات الثقافية والفنية كافة، إضافة إلى نشر ثقافة الحياة والسعادة، لتكون البديل الواعي عن ثقافة «الموت» التي رزحت على صدر المجتمع عقوداً طويلة!.
وهكذا يظهر جلياً أهمية التركيز على النشء في نيلهم أعلى درجات العلم، واستمرارية صناعة أجيال واعية، فنجني جميعاً حصاد التعليم الذي هو جوهر وأساس تقدم الأمم وصناعة مجدها وتاريخها. وما حدث لليابان ليس ببعيد، حيث انتصرت على القنبلة النووية بالعلم والتعليم عندما كانوا يضعون مقاعد بجوار الجثث لتعليم أبنائهم القراءة والكتابة، ليصبحوا بعد ذلك في رحاب أهم الدول الصناعية والمتقدمة بالعالم.
والابتعاث الثقافي رسالة وطنية تتيح للمبتعث تنمية مهارته وتطوير دولته والاختلاط بشعوب العالم والتعلم منهم، واستقطاب كل ما هو نافع وجميل ويتفق مع معتقداتنا التاريخية والثقافية. وقديماً كان الأجانب يفدون في بعثات للدول العربية والإسلامية للتعلم منها، وفي عصر التكنولوجيا الحديثة أصبح لزاماً علينا إرسال البعثات للخارج بصور جديدة واحتياجات مختلفة تتوافق مع متطلبات هذا العصر للاطلاع على الجديد في عالم الصناعة والتكنولوجيا.
فالمبتعثون هم رسلنا بالخارج لا سيما بمشاركاتهم الفعالة في الاحتفالات الخارجية بإقامة أجنحة خاصة بالمملكة، وتعريف العالم أكثر بتاريخنا وثقافتنا الثرية.
وأخيراً نحن ننتظر عودة المبتعثين والمبتعثات لأرض الوطن لرد الجميل والمساهمة في تطوير مملكتنا. فالتعليم والعلم أشبه بزهرة البوراج أو نبات خبز النحل الذي يتميز بالعطاء للآخرين وألوانه تسر الناظرين، فهو يزهر بكثافة ويحتوي على رحيق لتغذية النحل الذي يخرج عسلاً فيه شفاء للناس. والثقافة تُنبت أجمل في الإنسان بحثاً عن الخير والعلم والجمال والسعادة والإنسانية.